وعليه فأوسع المذاهب في هذه المسألة من قال بعدم الحد، وهم الحنفيَّة أيضًا، وقد استدلوا على هذه المسألة بدليلين:
الدليل الأول: أن حد الشرب إنَّما يجب في الخمر -وهو عصير العنب- أو في السُّكْر، وسائر الأشربة لا يتناولها اسم الخمر على الحقيقة، ومتناول القليل لم يسكر؛ فانتفى بذلك الحد (٣).
الدليل الثاني: أن حرمة هذه اجتهادية وليست قطعية مثل حرمة عصير العنب، والحد يدرأ بالشبهة، ووجود الخلاف شبهة (٤).
[الفرع الرابع: المسائل الشواهد في الباب.]
بعد بيان المسائل المتقدمة ظهر بوضوح سعة الحنفيَّة في أصل الأشربة، وفي
(١) انظر: بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع (٥/ ١١٥)، الاختيار لتعليل المختار (٤/ ١٠٠)، الدر المختار وحاشية ابن عابدين (٤/ ٣٨). (٢) انظر: التهذيب في اختصار المدونة (٤/ ٤٩٩)، المعونة على مذهب عالم المدينة (ص: ٧٠٩)، الشرح الكبير للشيخ الدردير وحاشية الدسوقي (٤/ ٣٥٢)، مختصر المزني (٨/ ٣٧٢)، التهذيب في فقه الإمام الشافعي (٧/ ٤٠٨)، نهاية المحتاج إلى شرح المنهاج (٨/ ١٢)، المقنع في فقه الإمام أحمد (ص ٤٣٩)، المحرر في الفقه على مذهب أحمد (٢/ ١٦٢)، كشاف القناع (٦/ ١١٦). (٣) انظر: المبسوط للسرخسي (٢٤/ ١٥). وقد تقدَّم في الفرع الأول بيان وجه عدم دخول غير عصير العنب في مسمى الخمر. (٤) انظر: المبسوط للسرخسي (٢٤/ ٢٠)، البناية شرح الهداية (١٢/ ٣٦٧).