وأجمعوا على أن الإكراه لا يبيح القتل وأن من أكره على القتل فقتل أنه آثم (١)، وأجمعوا على أنَّ العفو خير من القصاص في الجملة (٢)، وأجمعوا على أنه إذا عفا أحد أولياء الدم من الذكور أن القصاص يسقط ويُنتقل إلى الدية؛ لأن القصاص والدية لا يجتمعان (٣).
ثانيًا: المسائل المتفق عليها في الباب.
اتفقت المذاهب الأربعة على جريان القصاص بين العبيد في النفس (٤)، واتفقوا على أن الجماعة تقتل بالواحد (٥)، واتفقوا على أن الرجل يقتل بالمرأة (٦)، واتفقوا
(١) انظر: العزيز شرح الوجيز (١٠/ ١٤٩)، تفسير القرطبي (١٠/ ١٨٣). (٢) انظر: المغني لابن قدامة (٨/ ٣٥٢)، حاشية الروض المربع لابن قاسم (٧/ ٢٠٦). تنبيه: نقل المرداوي في الإنصاف (٢٥/ ٢٠٣) عن ابن تيمية ﵀ قوله: «استيفاء الإنسان حقه من الدم عدل، والعفو إحسان، والإحسان هنا أفضل، لكن هذا الإحسان لا يكون إحسانًا إلا بعد العدل، وهو أن لا يحصل بالعفو ضرر، فإذا حصل به ضرر كان ظلمًا من العافي، إما لنفسه وإما لغيره، فلا يشرع. قلت [أي المرداوي]: وهذا عين الصواب»، وهذا التفصيل في غاية الأهمية. (٣) انظر: بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع (٧/ ٢٤٧)، بداية المجتهد ونهاية المقتصد (٤/ ١٨٥)، جواهر العقود (٢/ ٢٠٧). (٤) انظر: الحجة على أهل المدينة (٤/ ٢٦٥)، النوادر والزيادات على ما في المدونة من غيرها من الأمهات (١٣/ ٢٧٥)، الأم للشافعي (٦/ ٢٧)، المغني لابن قدامة (٨/ ٢٨١). (٥) انظر: الاختيار لتعليل المختار (٥/ ٢٩)، القوانين الفقهية (ص: ٢٢٧)، روضة الطالبين وعمدة المفتين (٩/ ١٥٩)، المحرر في الفقه على مذهب الإمام أحمد بن حنبل (٢/ ١٢٣). (٦) انظر: الدر المختار وتكملة حاشية ابن عابدين (٦/ ٥٣٤)، الذخيرة للقرافي (١٢/ ٣١٧)، المهذب في فقه الإمام الشافعي (٣/ ١٧١)، الكافي في فقه الإمام أحمد (٣/ ٢٥٢). تنبيه: قال الشافعي ﵀ في الأم (٦/ ٢٥): «لم نعلم مخالفا في أن الرجل يقتل بالمرأة»، وقال ابن رشد الجد ﵀ في المقدمات الممهدات (٣/ ٢٨٣): «أجمع المسلمون على أن الرجل يقتل بالمرأة والمرأة بالرجل»، وحكى الإجماع غيرهما. إلا أن ابن المنذر ﵀ في الإجماع (ص: ١٢٠) قال: «أجمعوا على أن القصاص بين المرأة والرجل في نفس إذا كان القتل عمدًا، وروي عن عطاء والحسن غير ذلك»، وظاهر حكاية ابن حزم ﵀ للإجماع في المسألة تميل إلى عدم انعقاد الإجماع في قتل الرجل بالمرأة. انظر: مراتب الإجماع (ص: ١٣٨). وقارن بما في المغني لابن قدامة (٨/ ٢٩٦).