للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الغرر هو باب خيار الرؤية (١)؛ وذلك أنَّهم قالوا بصحة البيع في بعض مسائل الغرر لكن جعلوا للمشتري خيار الرؤية.

وأشير هنا إلى مسألة واحدة تبين سعة الحنفيَّة في باب الغرر، وهي حكم بيع الأعيان الغائبة بغير صفة ولا رؤية سابقة، فالشافعيَّة والحنابلة منعوا هذا البيع مطلقًا (٢)، وقال المالكيَّة: البيع يصح إذا اشترط المشتري خيار الرؤية، ويفسد من دونه (٣)، وقال الحنفيَّة: البيع يصح مطلقًا، وللمشتري خيار الرؤية (٤). والناظر يلحظ في هذه المسألة أنَّ المالكيَّة -على سعتهم في الباب- صاروا إلى قولٍ أضيق من الحنفيَّة. ومن نظر في باب خيار الرؤية في كتب الحنفيَّة سيرى توسُّعًا ملحوظًا له التصاق ظاهر بباب الغرر، والله تعالى أعلم.

[المطلب الثالث: المسائل المستثناة من الضيق في الباب.]

من خلال ما تقدَّم ظهر بجلاء ضيق الشافعيَّة دون غيرهم من المذاهب في الباب، ومن خلال النظر في رؤوس المسائل الخلافيَّة في باب الغرر يتضح وجود مستثنى من هذا الضيق، ويظهر ذلك في فرع واحد، وهو: حكم الجعالة.


(١) انظر: مختصر القدوري (ص ٨١)، الهداية في شرح بداية المبتدي (٣/ ٣٤)، تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق وحاشية الشلبي (٤/ ٢٤)، النهر الفائق شرح كنز الدقائق (٣/ ٣٧٩).
(٢) انظر: الحاوي الكبير (٥/ ١٤)، مغني المحتاج إلى معرفة معاني ألفاظ المنهاج (٢/ ٣٥٧)، الإرشاد إلى سبيل الرشاد (ص: ١٩٠)، كشاف القناع (٣/ ٥٦٤).
(٣) انظر: الإشراف على نكت مسائل الخلاف (٢/ ٥٢٢)، الشرح الكبير للشيخ الدردير وحاشية الدسوقي (٣/ ٢٥). وأنبه إلى أن المالكيَّة أجازوا في بيع التولية بيع الغائب ولو بلا صفة ولا شرط، وللمولى الخيار.
(٤) انظر: تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق وحاشية الشلبي (٤/ ٢٤)، العناية شرح الهداية (٦/ ٣٣٥).

<<  <   >  >>