فقالوا: لا يجوز بيع ما لم يقبض في المنقول دون العقار (١)، وأمَّا الحنابلة فهم أقرب للمالكية فقالوا: لا يجوز بيع ما لم يقبض في المكيل والموزون والمعدود والمذروع طعامًا كان أو غير طعام، والمبيع بالصفة، والرؤية السابقة (٢).
وأختم الفرع بالقول: إن بين الحنفيَّة والحنابلة تقاربًا كبيرًا في الباب، وهذا ظاهر من خلال ما تقدم من المسائل، بل إني أميل إلى أن الحنفيَّة أوسع من الحنابلة في الباب -إذا استثنيت مسائل الشروط في العقود التي يتصل معها الغرر-، ولكن يعكِّر على هذا التقرير أنَّ ابن تيمية أشار إلى أن أبا حنيفة أقرب إلى الشافعي من أحمد (٣)، يريد الشيخ: أن الحنفيَّة أضيق من الحنابلة، وهذا -في نظر الباحث- متوجِّه من جهة مذهب الإمام نفسه -أعني أبا حنيفة-، أما من جهة المذهب الاصطلاحي فإنه لم يتَّضح لي ذلك (٤)، لا سيما وأنَّ الحنفيَّة لديهم باب يدخل تحته جملة من مسائل
(١) انظر: شرح مختصر الطحاوي للجصاص (٣/ ١١٠)، البناية شرح الهداية (٨/ ٢٤٧). (٢) انظر: الفروع وتصحيح الفروع (٦/ ٢٧٨)، شرح منتهى الإرادات (٢/ ٥٧). (٣) انظر: مجموع الفتاوى (٢٩/ ٣١ - ٣٣). (٤) منع أبو حنيفة من المساقاة والمزارعة، وأجازها الصاحبان، والفتوى عند الحنفيَّة على مذهب الصاحبين؛ لشدة الحاجة إلى المساقاة والمزارعة، وقياسًا على المساقاة والمزارعة. انظر: تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق وحاشية الشلبي (٥/ ٢٧٨)، لسان الحكام (ص: ٤٠٨)، الدر المختار وحاشية ابن عابدين (٦/ ٢٧٥، ٢٨٥). وهاتان المسألتان هما اللتان ذكرهما ابن تيمية في معرض بيانه لضيق أبي حنيفة في الباب.