للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الدليل الثاني: أنَّ من استأجر امرأة لأجل الزنى قد عقد على بضعها عقدًا مقتضاه التمليك، فصار كنكاح المتعة، وهذه شبهة يدرأ بها الحد (١).

الدليل الثالث: أنَّ أهل اللغة لا يسمون الوطء الذي يترتب على العقد زنى، وهم لا يفصلون بين الزنى وغيره إلا بالعقد، «فكذلك لا يفصلون بين الاستئجار والنكاح؛ لأن الفرق بينهما شرعي، وأهل اللغة لا يعرفون ذلك فعرفنا أنَّ هذا الفعل ليس بزنى لغًة، وذلك شبهة في المنع من وجوب الحد (٢).

الفرع الثالث: سقوط الشهادة بالتَّقادم في حد الزنى.

تحرير محل النزاع:

لا خلاف بين أهل العلم أن حدَّ الزنى يقام إن شهد عليه أربعة شهود ولم يتأخروا في أداء الشهادة، ولكن اختلفوا إن تأخَّروا في أداء الشهادة -وهو ما يعرف بالتَّقادم- هل يقام بتلك الشهادة الحدُّ أم لا؟ قولان في ذلك.

الأقوال، وأشهر أدلة الموسِّع في المسألة:

القول الأول: أنَّ الشهادة تسقط بالتقادم، والتقادم في الزِّنى: (شهر)، وهو مذهب الحنفيَّة (٣).


(١) انظر: التجريد للقدوري (١١/ ٥٩٠٨)، الغرة المنيفة في تحقيق بعض مسائل الإمام أبي حنيفة (ص: ١٦٣).
(٢) المبسوط للسرخسي (٩/ ٥٨).
(٣) انظر: بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع (٧/ ٤٦)، البناية شرح الهداية (٦/ ٣٢٥)، مجمع الأنهر في شرح ملتقى الأبحر (١/ ٥٩٧). فائدة: الحنفيَّة قالوا بسقوط الحدود جميعًا بالتقادم إلا حد القذف؛ لأنَّ فيه حقًّا للعبد، وضابط التقادم في جميع الحدود شهر كما تقدَّم، لكن استثنى الحنفيَّة من ذلك (الخمر) فإن التقادم فيه هو زوال الرائحة. انظر: البحر الرائق شرح كنز الدقائق (٥/ ٢١)، الدر المختار وحاشية ابن عابدين (٤/ ٣١).

<<  <   >  >>