• وقال الحنابلة: لا يصح طواف الراكب إذا قدر على المشي مطلقًا، وقال الحنفيَّة والمالكيَّة: يصح مع لزوم الدم، وقال الشافعيَّة: يصح بلا كراهة. وستأتي هذه المسألة في المطلب القادم بحول الله.
وأما ضيق المالكيَّة فتقدم الإشارة إليه في مسألة طواف المحمول، وكذلك ما سيأتي في حكم ركعتي الطواف.
[المطلب الثالث: المسائل المستثناة من التوسع في الباب.]
من خلال ما تقدم يظهر جليًّا أنَّ أوسع المذاهب في باب الطواف هم الحنفيَّة، وبعد النظر في كتب رؤوس المسائل وكتب الخلاف تبيَّن للباحث وجود مسألتين خرجتا من حيث النظر العام عن توسعهم في الباب، وهما: حكم ركعتي الطواف، وحكم المشي للقادر عليه في الطواف.
[الفرع الأول: حكم ركعتي الطواف.]
تحرير محل النزاع:
أجمع العلماء ﵏ على أنَّ ركعتي الطواف مشروعة بعد الطواف (١)، إلا أنهم اختلفوا هل هي واجبة أم مستحبَّة؟ على قولين.
الأقوال، وسبب الاستثناء في المسألة:
القول الأول: الوجوب، وهو مذهب الحنفيَّة والمالكيَّة (٢).
(١) انظر: الإجماع لابن المنذر (ص: ٥٥)، الإقناع في مسائل الإجماع (١/ ٢٦٥). (٢) انظر: المبسوط للسرخسي (٤/ ١٢)، الاختيار لتعليل المختار (١/ ١٤٨)، فتح القدير للكمال ابن الهمام (٢/ ٤٥٦)، المقدمات الممهدات (١/ ١٦٥)، مواهب الجليل في شرح مختصر خليل (٣/ ١١٠)، الشرح الكبير للشيخ الدردير وحاشية الدسوقي (٢/ ٤١). وأنبَّه إلى أن الحنفيَّة يقولون بأن ركعتي الطواف لا تجبران بالدم، «بل يصليهما في أي مكان شاء، ولو بعد رجوعه إلى أهله». قال ذلك العيني ﵀ في البناية شرح الهداية (٤/ ٢٠١).