لا خلاف بين الأئمة على جواز الركوب في الطواف لمن به عذر (١)، ولا خلاف بينهم كذلك أن المشي في الطواف أفضل من الركوب (٢)، ولكن اختلفوا في حكم الركوب للقادر على المشي في الطواف هل هو فرض أم واجب أم سنة؟
الأقوال، وسبب الاستثناء في المسألة:
القول الأول: فرضيَّة المشي في الطواف، وهو مذهب الحنابلة (٣).
القول الثاني: وجوب المشي، وهو مذهب الحنفيَّة والمالكيَّة (٤).
(١) انظر: المغني لابن قدامة (٣/ ٣٥٨)، الشرح الكبير على المقنع (٩/ ١٠٤). (٢) انظر: الحاوي الكبير (٤/ ١٥١). (٣) انظر: مسائل الإمام أحمد رواية ابنه عبد الله (ص: ٢٢٧)، الشرح الكبير على المقنع (٩/ ١٠٤)، شرح منتهى الإرادات (١/ ٥٧٣) فائدة: قال ابن قدامة الحنبلي في هذه المسألة بمثل قول الشافعيَّة -وهو صحة طواف الراكب ولو قدر على المشي-، وقد تقدَّم بيان سعة الموفق بالنسبة إلى متأخري الأصحاب في ربع العبادات، ولعل هذه المسألة تضاف إلى ما تقدَّم تقريره، ويضاف كذلك: حكم السعي راكبًا لغير المعذور: فالمذهب عند المتأخرين عدم الإجزاء، وقطع الموفق بالإجزاء والصحة. فصار مذهبه في كلتا المسألتين أوسع من مذهب المتأخرين. انظر: الإنصاف (٩/ ١٠٥، ١٠٨). (٤) انظر: المبسوط للسرخسي (٤/ ٤٤)، المحيط البرهاني في الفقه النعماني (٢/ ٤٦١)، فتح القدير للكمال ابن الهمام (٢/ ٤٩٥)، البحر الرائق شرح كنز الدقائق مع تكملة الطوري (٢/ ٣٥٤)، التهذيب في اختصار المدونة (١/ ٥٢٣)، حاشية العدوي على كفاية الطالب الرباني (١/ ٥٣٢)، منح الجليل شرح مختصر خليل (٢/ ٢٦٦)، الشرح الكبير للشيخ الدردير وحاشية الدسوقي (٢/ ٤٠). والفرق بين قول الحنفيَّة والمالكيَّة وقول الحنابلة: أنَّ الحنفيَّة والمالكيَّة يقولون بوجوب الإعادة ما دام في مكة، فإن عاد إلى بلده لزمه دم. وأمَّا الحنابلة فإنهم يقولون: لا يصح طواف من قدر على المشي راكبًا مطلقًا، ولذا صار قولهم بهذا الاعتبار من المفردات. انظر: الإنصاف (٩/ ١٠٦)، المنح الشافيات بشرح مفردات الإمام أحمد (١/ ٣٦٢).