للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

هل يجب بذلك الحدُّ أم لا؟ قولان لأهل العلم في ذلك.

الأقوال، وسبب الاستثناء في المسألة.

القول الأول: أنَّ هذا من الشُّبه التي يدرأ بها الحد، وهو مذهب الجمهور (١).

القول الثاني: وجوب الحد إلا في الأعمى يدعو امرأته فتجيبه الأجنبية بقولها: (أنا امرأتك، أو أنا فلانة)، وهو مذهب الحنفيَّة (٢).

والمتأمل في هذا الفرع يجد أنَّ المسألة جرت على خلاف ما تقرَّر من سعة الحنفيَّة في درء حد الزنى، واستدل الحنفيَّة على وجوب الحد بدليلين:

الدليل الأول: عن أبي روح شبيب الشامي «أَنَّ رَجُلًا كَانَ يُوَاعِدُ امْرَأَةً فِي مَكَانٍ يَأْتِيهَا فِيهِ، فَعَلِمَتْ بِذَلِكَ امْرَأَةٌ، فَجَلَسَتْ فِي ذَلِكَ الْمَكَانِ، فَجَاءَ الرَّجُلُ فَأَصَابَ مِنْهَا وَهُوَ يَظُنُّ أَنَّهَا جَارِيَتُهُ، فَلَمَّا فَرَغَ نَظَرَ فَإِذَا هِيَ لَيْسَ بِجَارِيَتِهِ، فَأَتَى عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ ، فَذَكَرَ ذَلِكَ لَهُ. فَأَرْسَلَ عُمَرُ إِلَى عَلِيٍّ فَقَالَ عَلِيٌّ: اضْرِبِ الرَّجُلَ الْحَدَّ فِي السِّرِّ، وَاضْرِبِ الْحَدَّ الْمَرْأَةَ فِي الْعَلَانِيَةِ» أخرجه سعيد بن منصور وابن أبي شيبة (٣).


(١) انظر: المعونة على مذهب عالم المدينة (ص: ١٣٩٢)، التبصرة للخمي (٥/ ٢٠٠٥)، روضة المستبين في شرح كتاب التلقين (٢/ ١٢٨٣)، نهاية المطلب في دراية المذهب (١٧/ ٢٠٦)، البيان في مذهب الإمام الشافعي (١٢/ ٣٦١)، مغني المحتاج إلى معرفة معاني ألفاظ المنهاج (٥/ ٤٤٤)، مسائل الإمام أحمد وإسحاق بن راهويه (٧/ ٣٧٢٠)، الشرح الكبير على المقنع (٢٦/ ٢٨٥)، منتهى الإرادات (٥/ ١٢٤).
(٢) انظر: المبسوط للسرخسي (٩/ ٥٧)، البناية شرح الهداية (٦/ ٣٠٥)، الدر المختار وحاشية ابن عابدين (٤/ ٢٥).
(٣) أخرجه سعيد بن منصور في (كتاب الطلاق، باب جامع الطلاق) (٢/ ١١٤) رقم (٢١٥١)، وابن أبي شيبة في (كتاب الحدود، فِي امرأة تشبهت بأمة رجل فوقع عليها) (١٤/ ٤٢٠) رقم (٢٨٩٢٤). وروى الكوسج الأثر عن الإمام أحمد ولم يضعِّفه. انظر: مسائل الإمام أحمد وإسحاق بن راهويه (٧/ ٣٧١٨).

<<  <   >  >>