القول الأول: ركنيَّة التسليمتين، وهو مذهب الحنابلة (١).
القول الثاني: وجوب التسليمتين، وهو مذهب الحنفيَّة (٢).
القول الثالث: ركنيَّة التسليمة الأولى، وسنيَّة التسليمة الثانية. وهو مذهب المالكيَّة والشافعيَّة (٣).
وعليه فأضيق المذاهب في هذه المسألة من قال بركنيَّة التسليمتين جميعًا، وهم الحنابلة أيضًا. وقد استدلوا على هذه المسألة بأدلة، منها:
الدليل الأول: عن علي بن أبي طالب ﵁ قال: قال رسول الله ﷺ: «مِفْتَاحُ الصَّلَاةِ الطُّهُورُ، وَتَحْرِيمُهَا التَّكْبِيرُ، وَتَحْلِيلُهَا التَّسْلِيمُ» أخرجه الأربعة إلا النسائي (٤).
(١) انظر: الهداية على مذهب الإمام أحمد (ص: ٨٧)، الإنصاف (٣/ ٦٧٣)، شرح منتهى الإرادات (١/ ٢١٧). تنبيه: التسليمتان ركن عند الحنابلة في غير صلاة الجنازة وسجود التلاوة والشكر فالركن فيها سجدة واحدة. وأما صلاة النافلة فعند المتأخرين من الحنابلة نزاع، فظاهر المنتهى وجوب التسليمتين، ونصُّ الإقناع -وعليه مشى صاحب الغاية- أنّ التسليمة الثانية سنَّة. انظر: شرح منتهى الإرادات (١/ ٢١٧)، كشَّاف القناع (١/ ٣٨٩)، مطالب أولي النهى في شرح غاية المنتهى (١/ ٥٠٠). (٢) انظر: العناية شرح الهداية (١/ ٣٢١)، مراقي الفلاح شرح نور الإيضاح (ص: ٩٥)، الدر المختار وحاشية ابن عابدين (١/ ٤٦٨). (٣) انظر: تحبير المختصر على مختصر خليل (١/ ٢٨٩، ٢٩٤)، التاج والإكليل لمختصر خليل (٢/ ٢١٨، ٢٢٤)، الفواكه الدواني على رسالة ابن أبي زيد القيرواني (١/ ١٩٠، ١٩١)، بحر المذهب للروياني (٢/ ٧١)، الغرر البهية في شرح البهجة الوردية (١/ ٣١٨)، نهاية المحتاج إلى شرح المنهاج (١/ ٥٣٥). تنبيه: التسليمة الثانية عند المالكيَّة لا تسنُّ للإمام ولا للمنفرد، وإنما تسنُّ للمأموم فقط؛ لأنها من قبيل الرد على سلام الإمام. انظر: المصادر السابقة. (٤) أخرجه أبو داود في (كتاب الطهارة، باب فرض الوضوء) (١/ ٢٢) رقم (٦١)، والترمذي في (أبواب الطهارة عن رسول الله ﷺ، باب ما جاء أن مفتاح الصلاة الطهور) (١/ ٥٤) رقم (٣)، وابن ماجه في (أبواب الطهارة وسننها، باب مفتاح الصلاة الطهور) (١/ ١٨٣) رقم (٢٧٥). والحديث مداره على عبد الله بن محمد بن عقيل، وهو متكلَّم فيه، وقد صحح الحديث واحتج به جمع من أئمة النقد وحفاظ الحديث، منهم: عبد الرحمن بن مهدي، والبيهقي، وابن العربي، والبغوي، والرافعي، والنووي وغيرهم. وقال الترمذي بعد إخراجه للحديث: «هذا الحديث أصح شيء في هذا الباب وأحسن. وعبد الله بن محمد بن عقيل هو صدوق، وقد تكلم فيه بعض أهل العلم من قبل حفظه، وسمعت محمد بن إسماعيل [يعني البخاري]، يقول: كان أحمد بن حنبل، وإسحاق بن إبراهيم، والحميدي، يحتجون بحديث عبد الله بن محمد بن عقيل، قال محمد [هو البخاري]: وهو مقارب الحديث»، وقال ابن عبد البر في الاستذكار (٤/ ١٢٠) -بعد ذكره لقول ابن مهدي في اشتراط الله أكبر في تكبيرة الإحرام-: «هذا تصحيح من عبد الرحمن بن مهدي لحديث» تَحْرِيمُهَا التَّكْبِيرُ، وَتَحْلِيلُهَا التَّسْلِيمُ «وتديُّن منه به، وهو إمام في علم الحديث ومعرفة صحيحه من سقيمه وحسبك به» انظر: شرح السنة للبغوي (٣/ ١٧)، شرح مسند الشافعي (١/ ٣٠٥)، خلاصة الأحكام (١/ ٣٤٨)، نصب الراية (١/ ٣٠٧)، البدر المنير (٣/ ٤٤٧)، التلخيص الحبير (١/ ٣٨٩).