التزم بالشروط العمرية وجب على المسلمين حفظ دمه وماله (١)، واتفقت المذاهب
(١) جمع ابن حزم ما يحصل به عهد الذمة باتفاق، فقال في مراتب الإجماع (ص: ١١٥) بعد ذكره الجزية: «على أن يلتزموا على أنفسهم أن لا يحدثوا شيئًا في مواضع كنائسهم وسكناهم ولا غيرها ولا بيعة ولا ديرًا ولا قلاية ولا صومعة ولا يجددوا ما خرب منها، ولا يحيوا ما دثر وأن لا يمنعوا من مر بهم من المسلمين النزول في كنائسهم من ليل أو نهار، وأن يوسعوا أبوابها للمارة، وأن يضيفوا من مر بهم من المسلمين للثالث، وأن لا يؤووا جاسوسًا، ولا يكتموا غشًّا للمسلمين، ولا يعلموا أولادهم القرآن، ولا يمنعوا من أراد الدخول في الإسلام من أهلهم، وأن يوقروا المسلمين، وأن يقوموا لهم في المجالس، وأن لا يتشبهوا بهم في شيء من لباسهم لا قلنسوة ولا عمامة ولا نعلين ولا فرق شعر، ولا يتكلموا بكلامهم ولا يكتبوا بكتابهم ولا يركبوا على السروج ولا يتقلدوا شيئًا من السلاح ولا يحملوه مع أنفسهم ولا يتخذوه، ولا ينقشوا في حوانيتهم بالعربية، ولا يبيعوا الخمور، وأن يجزوا مقادم رؤوسهم، وأن يشدوا الزنانير على أوساطهم، وأن لا يظهروا الصليب على كنائسهم ولا في شيء من طرق المسلمين، ولا يجاوروا المسلمين بموتاهم ولا يظهروا في طريق المسلمين نجاسة، ولا يضربوا النواقيس إلا ضربًا خفيفًا، ولا يرفعوا أصواتهم بالقراءات لشيء من كتبهم بحضرة المسلمين ولا مع موتاهم، ولا يخرجوا شعانين ولا صليبًا ظاهرًا، ولا يظهروا النيران في شيء من طرق المسلمين، ولا يتخذوا من الرقيق ما جرت عليه سهام المسلمين، وأن يرشدوا المسلمين ولا يطلقوا عدوهم عليهم، ولا يضربوا مسلمًا ولا يسبوه، ولا يستخدموا به ولا يهينوه، ولا يسمعوا المسلمين شيئًا من شركهم ولا من سب رسول الله ﷺ ولا غيره من الأنبياء ﵈، ولا يظهروا خمرًا ولا شربها، ولا نكاح ذات محرم، فإن سكن مسلمون بينهم هدموا كنائسهم وبيعهم، فإذا فعلوا كل ما ذكرنا ولم يبدلوا ذلك الدين الذي صولحوا عليه بين الإسلام فقد حرمت دماء كل من وفى بذلك وماله وأهله وظلمه»، ثم قال: «واختلفوا إن لم يفِ بشيء من الشروط التي ذكرنا ولا بواحد أيحرم قتله وسبي أهله وغنيمة ماله أم لا؟». وقال القرافي ﵀ في فروقه (٣/ ١٢) بعد نقله لكلام ابن حزم ﵀: «اعلم أنَّ الجادة من مذاهب العلماء كمالك والشافعي وأبي حنيفة وابن حنبل ﵃ لا يروا النقض بالإخلال بأحد هذه الشروط كيف كان، بل بعضها يوجب النقض وبعضها لا يوجب». وهذه الشروط يسميها بعض أهل العلم بالشروط العُمَريَّة؛ لأن عمر ﵁ أقرَّها على أهل الذمة في زمانه، ولابن زبر ﵀ جزء جمع فيه هذه الشروط، وأطال ابن كثير ﵀ في جمع طرق هذه الشروط، وممن جمعها أيضًا: أبو عمرو بن السماك ﵀. وقال ابن القيم ﵀:» شهرة هذه الشروط تغني عن إسنادها، فإنَّ الأئمة تلقوها بالقبول وذكروها في كتبهم واحتجوا بها، ولم يزل ذكر الشروط العمرية على ألسنتهم وفي كتبهم، وقد أنفذها بعده الخلفاء وعملوا بموجبها «وقد أطال ﵀ في شرح هذه الشروط، وبيان المراد فيها كتابه أحكام أهل الذمة. انظر: جزء فيه شروط أمير المؤمنين عمر بن الخطاب ﵁ على النصارى (ص: ٣)، المغني لابن قدامة (٩/ ٣٥٢)، مجموع الفتاوى (٢٨/ ٦٥١)، مسند الفاروق (٢/ ٣٣٤)، أحكام أهل الذمة (٣/ ١١٦٤)، النجم الوهاج في شرح المنهاج (٩/ ٤٢١).