القول الثالث: الخمر اسم لكل ما يخامر العقل، وهو مذهب المالكيَّة والحنابلة (٢).
وعليه فأوسع المذاهب في المسألة من قصر الخمر على (عصير الخمر المشتد بشرط أن يقذف بالزبد)، وهم الحنفيَّة.
وقد استدل الحنفيَّة على قولهم من جهتين:
الأولى: اختصاص الخمر بالعنب، والثانية: اشتراط قذف الزبد حتى يقال بالتحريم.
أما اختصاص الخمر بالعنب دون سائر المسكرات فاستدلوا على ذلك بأدلة:
الدليل الأول: عن علي ﵁ أن رسول الله ﷺ قال: «حُرِّمَتِ الْخَمْرُ بِعَيْنِهَا قَلِيلُهَا وَكَثِيرُهَا، وَالسّكرُ مِنْ كُلِّ شَرَابٍ» أخرجه العقيلي في كتابه الضعفاء (٣).
(١) انظر: حلية العلماء في معرفة مذاهب الفقهاء (٨/ ٩٣)، مغني المحتاج إلى معرفة معاني ألفاظ المنهاج (٥/ ٥١٣)، نهاية المحتاج إلى شرح المنهاج (٨/ ١١). وأنبه إلى أن الشافعيَّة يذهبون إلى أن كل شراب مسكر يحرم قليله وكثيره، ولكن لا يسمون الخمر حقيقة إلا عصير العنب المشتد على المشهور عندهم. (٢) انظر: المدونة (٤/ ٥٢٣)، شرح الزرقاني على الموطأ (٤/ ٢٦٨)، منح الجليل شرح مختصر خليل (٩/ ٣٤٩)، الإرشاد إلى سبيل الرشاد (ص: ٣٩٢)، الكافي في فقه الإمام أحمد (٤/ ١٠٤)، شرح منتهى الإرادات (٣/ ٣٦٠). (٣) انظر: الضعفاء الكبير (٤/ ١٢٣). والحديث ضعيف جدًّا، وله طريقان، في طريقه الأول: (محمد بن الفرات) وهو منكر الحديث قاله البخاري، ونص العقيلي ﵀ على أنه لا يتابع على هذا الحديث، وفي طريقه الثاني: (عبد الرحمن بن بشر الغطفاني) وهو مجهول قاله العقيلي وغيره، وقال أيضًا: «ليس له من حديث أبي إسحاق أصل» يعني أبا إسحاق السبيعي الراوي عن الحارث الأعور، وكلا الطريقين مدارهما على الحارث الأعور وهو ضعيف أيضًا. انظر: الضعفاء الكبير للعقيلي (٢/ ٣٢٤، ٤/ ١٢٣)، العلل المتناهية في الأحاديث الواهية (١/ ٢٤٤)، نصب الراية (٤/ ٣٠٦). وأخرج الحديث النسائي موقوفًا على ابن عباس ﵄ في (كتاب الأشربة، باب ذكر الأخبار التي اعتل بها من أباح شراب السكر) (١/ ١٠٨٣) رقم (٥٧٠٢/ ١٠)، ومال إلى تصويب لفظ: «حُرِّمَتِ الخَمْرُ قَلِيلُهَا وَكَثِيرُهَا، وَمَا أَسْكَرَ مِنْ كُلِّ شَرَابٍ». وصحح الأثر ابن حزم ﵀ وغيره. انظر: المحلى بالآثار (٦/ ١٨٠)، ما صح من آثار الصحابة في الفقه (٣/ ١١٤٦).