ونصَّ ابن شاس ﵀ على «أن كل شخصين يجري بينهما القصاص في النفوس من الجانبين يجري في الأطراف»(١)، ثم قال:«ولا تقطع اليد السليمة بالشلاء لعدم التساوي في المنفعة؛ لا لتفاوت البدل»(٢)، والمالكيَّة هنا لما اتفقوا في النتيجة مع الحنفيَّة دفع ابن شاس بهذا التقرير ما قد يتوهَّم من الاشتراك في الاستدلال.
ومن الشافعيَّة يقول الماوردي ﵀:«كل شخصين جرى بينهما القصاص في النفس جرى القصاص بينهما في الأطراف والجراح، سواء اتفقا في الدية كالحرين المسلمين أو اختلفا في الدية؛ كالرجل والمرأة والعبيد إذا تفاضلت فيهم، وإن لم يجز القصاص بينهما في النفس لم يجز في الأطراف؛ كالمسلم مع الكافر، والعبد مع الحر»(٣).
ومن الحنابلة يقول الكلوذاني ﵀:«كل من أقيد بغيره في النفس أقيد به الطرف، وكل من لا يقاد بغيره في النفس لا يقاد به في الطرف»(٤).
ويلحظ أن الجمهور في جميع ما تقدم سلكوا في القصاص فيما دون النفس مسلك القصاص في النفس.
وأشير في ختام الكلام على هذا السبب إلى أن سبب قول الحنفيَّة بأن القصاص يجري بين المسلم والذمي في الجناية فيما دون النفس هو بعينه هذا السبب، ووجهه أن دية المسلم والذمي واحدة، يقول السرخسي ﵀ لما ذكر أن القصاص
(١) عقد الجواهر الثمينة في مذهب عالم المدينة (٣/ ١١٠٠). (٢) عقد الجواهر الثمينة في مذهب عالم المدينة (٣/ ١١٠١). (٣) الحاوي الكبير (١٢/ ٢٦). (٤) الهداية على مذهب الإمام أحمد (ص: ٥٠٧).