الأول: أن الحنفيَّة ذهبوا إلى الأطراف يسلك بها مسلك الأموال، فلا قصاص حتى يستوي الطرفان في الدية، على حين ذهب الجمهور إلى أن كل ما جاز فيه القصاص في النفس فهو جائز فيما دون النفس.
والثاني: أن الحنفيَّة شددوا في شرط المماثلة في القصاص فيما دون النفس فمنعوا من إمكان المماثلة في جملة من الصور، فضاق بذلك المذهب عندهم، على حين ذهب الجمهور إلى إمكان المماثلة فقالوا بالقصاص، وقد نصَّ على هذين السببين جملة من علماء المذاهب.
فأما السبب الأول فمن الحنفيَّة يقول السغدي ﵀: كان أبو حنيفة «يسلك فيما دون النفس مسلك الأموال»(١).
وذكر السرخسي ﵀ هذا المعنى، ثم قال:«وعلى هذا الأصل لا يقطع يدان بيد واحدة عندنا؛ للتفاوت في البدل»(٢).
وأما الجمهور فإنهم ذهبوا إلى أنَّ القصاص فيما دون النفس حكمه حكم القصاص في النفس.
فمن المالكيَّة يقول القاضي عبد الوهاب ﵀ مستدلًّا على القصاص في جناية الجماعة على الواحد فيما دون النفس:«كل من لم يمنع جريان القصاص في النفس لم يمنع جريانه في الأطراف»(٣).