للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وهو «أن يُفعل بالفاعل مثل ما فعل» (١)، ويسمى أيضًا بالقود؛ «لأن العرب كانت تقود الجاني بحبل في رقبته وتسلمه» (٢).

والجناية تتنوع، فمنها ما يُذهب النفس ويزهقها، ومنها ما دون ذلك، ولهذا جرى كثير من العلماء على القَسْم بين الجنايتين، فيبدؤون بذكر أحكام الجناية على النفس لأهميتها، ثم يتبعون ذلك بالكلام على الجناية على ما دون النفس (٣).

وفي هذا الباب سأتناول -بحول الله- السعة والضيق في القصاص حال الجناية على النفس، وفي الباب الذي يليه سأتناول الكلام على الجناية فيما دون النفس.

ومراد الباحث في الاتساع في هذا المبحث: القول بإمضاء القصاص في النفس، والمراد بالضيق: القول بعدم القصاص.

هذا وقد أشار العز بن عبد السلام إلى مبالغة مالك في صيانة الدماء (٤)، ونصَّ الذهبي في (زغل العلم) على توسع مذهب مالك في الدماء بشيء من النقد، وذلك أنَّه قال: «اعلم أن في كل طائفة من علماء هذه الأمة ما يذمُّ ويعاب، فتجنَّبه» (٥)، ثم قال: «الفقهاء المالكيَّة على خير واتباع وفضل، إن سلم قضاتهم ومفتوهم من التسرع في الدماء والتكفير، فإنَّ الحاكم والمفتي يتعين عليه أن


(١) التعريفات (ص: ١٧٦). وانظر أيضًا: تهذيب اللغة (٨/ ٢١٠) مادة (قص)، مقاييس اللغة (٥/ ١١) مادة (قصَّ)، طلبة الطلبة في الاصطلاحات الفقهية (ص: ١٦٣) مادة (ق ص ص).
(٢) جواهر الدرر في حل ألفاظ المختصر (٨/ ٢١). وانظر أيضًا: تحرير ألفاظ التنبيه (ص: ٢٩٣)، حاشية الدسوقي على الشرح الكبير (٤/ ٢٣٩).
(٣) انظر: بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع (٧/ ٢٣٣، ٢٩٦)، بداية المجتهد ونهاية المقتصد (٤/ ١٧٨)، روضة الطالبين وعمدة المفتين (٩/ ١٢٢، ١٧٨)، المقنع في فقه الإمام أحمد (ص: ٣٩٧، ٤٠٩).
(٤) انظر: قواعد الأحكام في مصالح الأنام (٢/ ١٥٦).
(٥) (ص: ٢٥).

<<  <   >  >>