للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

يراقب الله تعالى، ويتأنى في الحكم بالتقليد ولا سيما في إراقة الدماء، فالله ما أوجب عليهم تقليد إمامهم، فلهم أن يأخذوا منه ويتركوا كما قال الإمام مالك -رحمه الله تعالى-: كلٌّ يؤخذ من قوله ويترك إلا صاحب هذا القبر ، فيا هذا إذا وقفت بين يدي الله تعالى فسألك لم أبحت دم فلان؟ فما حجتك؟ إن قلت: قلدت إمامي، يقول لك: فأنا أوجبت عليك تقليد إمامك؟ … » (١). والملاحظ هنا أنَّ الذهبي أثبت سعة مذهب مالك بالقول في إراقة الدماء من جهة أنه قال: (فالله ما أوجب عليهم تقليد إمامهم) وبهذا يُعلم أن ما يعيبه الذهبي على المالكيَّة نابع في حقيقته من أصل المذهب، وليس مجرد اختيار أو اجتهاد حدث في زمانهم. وأنبِّه إلى أنَّ محل الاستشهاد في كلام الذهبي هو كون المذهب المالكي واسعًا في إراقة الدماء فحسب، وأما (وصفه للمالكيَّة بالتسرع، ومنعهم من تقليد إمامهم) وجعل ذلك محلَّ نقد، فهذه قضية تحتمل الصواب وعدمه، وليس غرض الباحث في هذه الأطروحة بالجملة الترجيح بين المذاهب، وعليه: فيمتنع الجزم بصواب هذا الوصف من الذهبيِّ للمالكيَّة أو خطئه.

والمسائل الداخلة في الباب هي: المسائل المختلف في القصاص فيها المتعلقة بالنفس؛ كالقصاص في قتل الوالد لولده، والقصاص في قتل الغيلة، والقصاص في شبه العمد، والقصاص عند الإكراه على القتل، والقصاص في القسامة (٢)، والقصاص حال الاشتراك في القتل، ونحو ذلك من المسائل.


(١) (ص: ٣٤).
(٢) القسامة: (هي أيمان مكررة في دعوى قتل معصوم)، مشتقة من القسم وهو اليمين. انظر: الاختيار لتعليل المختار (٥/ ٥٣)، شرح حدود ابن عرفة (ص: ٤٨٤)، الحاوي الكبير (١٣/ ٣)، التَّنقيح المشبع (ص: ٤٣٨).

<<  <   >  >>