والقرن والرتق)، وأما ما سواها من العيوب فلا تخيير فيها؛ لعدم النص فيها، ولكونها لا تفوت مقصود النكاح.
وبنحو ما ذهب إليه الشافعيَّة ذهب المالكيَّة إلا أنهم وسعوا دائرة العيوب في الفرج، فقالوا بأن بخر الفرج، والفتق، والعذْيَطة ونحوها من عيوب الفرج توجب التخيير.
وذهب الحنابلة إلى أن كل عيب يفوت الوطء أو تحصل به النفرة بين الزوجين أنَّه موجب للتخيير، وبهذا اتسعت عندهم دائرة العيوب، وتفردوا بجمل من المسائل لم يقل بها غيرهم.
وقد نصَّ على هذه المعاني جملة من فقهاء المذاهب:
فمن الحنفيَّة: يذكر الزيلعي ﵀ أن الجب والعنة «لا يمكن القياس عليهما؛ لأنَّهما يعدمان المقصود من النكاح، وهو قضاء الشهوة، والتوالد والتناسل وغيرهما من العيوب لا يعدمه، بل يخل به، ألا ترى أن القرناء والرتقاء يمكن الوصول إليهما بالفتق والشق»(١).
واستدلَّ البابرتي ﵀ على عدم الفسخ في عيب الجنون والبرص والجذام بأنَّ «الأصل عدم الخيار؛ لما فيه من إبطال حق الزوج، وإنما يثبت في الجب والعنة؛ لأنهما يخلان بالمقصود المشروع له النكاح وهو الوطء؛ لأن شرعية النكاح لأجل الوطء وهذه العيوب غير مخلة به فافترقا»(٢).
ونصَّ العيني ﵀ على أنَّ المقصود من عقد النكاح هو (التمكن من الوطء)، ولا يفوت هذا المقصد إلا الجب والعنة، فعليه ينحصر التخيير بهما (٣).
(١) تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق وحاشية الشلبي (٣/ ٢٥). (٢) العناية شرح الهداية (٤/ ٣٠٥). (٣) انظر: البناية شرح الهداية (٥/ ٥٩٠). وانظر أيضًا: المبسوط للسرخسي (٥/ ١٠١).