وأما شركة المفاوضة فإن للمذاهب في بيان المراد منها مذاهب (١):
فحقيقتها عند الحنفيَّة:«أن يشترك الرجلان فيتساويان في مالهما وتصرفهما وديْنِهما»(٢)، ولا تنعقد عند الحنفيَّة إلا بلفظ المفاوضة، أو بالنص على جميع ما تقتضيه المفاوضة (٣).
وحقيقتها عند المالكيَّة أن:«يفوض كل واحد التصرف في البيع والشراء والضمان والكفالة والتوكيل والقراض وما فعله لزم الآخر إن كان عائدًا إلى تجارتهما ولا يكونان شريكين إلا فيما يعقدان عليه الشركة من أموالهما دون ما ينفرد به كل واحد من ماله»(٤).
وحقيقتها عند الشافعيَّة: أن يشترط الشريكان «أن يكون ما يملكان من المال بينهما، وأن يضمن كل واحد منهما ما يجب على الآخر بغصب، أو بيع، أو ضمان»(٥)، وهم بهذا المعنى يقاربون تعريف الحنفيَّة.
وأما الحنابلة فللمفاوضة عنهم إطلاقان: الأول: أن يجمعا بين جميع الشركات
(١) حرَّر فضيلة الشيخ الباحث: دبيان الدبيَّان تعريفات شركة المفاوضة عند المذاهب. انظر: المعاملات المالية أصالة ومعاصرة (١٤/ ٨١ - ٨٩). (٢) البناية شرح الهداية (٧/ ٣٧٥). وانظر أيضًا: الاختيار لتعليل المختار (٣/ ١٢). والمراد بالاشتراك بالدين أن كل دين لزم أحدهما بتجارة أو استقراض أو غصب أو استهلاك أو كفالة بمال لزمهما جميعًا. انظر: الدر المختار وحاشية ابن عابدين (٤/ ٣٠٨). (٣) انظر: تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق وحاشية الشلبي (٣/ ٣١٤). وسبب ذلك «أنَّ أكثر الناس لا يعرفون شرائطها فيشترط النص عليها أو على مقتضاها؛ لتكون معلومة ظاهرة». قاله الزيلعي ﵀. (٤) الذخيرة للقرافي (٨/ ٥٣). وانظر أيضًا: التوضيح في شرح مختصر ابن الحاجب (٦/ ٣٤٦). (٥) البيان في مذهب الإمام الشافعي (٦/ ٣٧٢). وانظر أيضًا: نهاية المحتاج إلى شرح المنهاج (٥/ ٤).