للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقال ابن رشد : «اليمين إنما يجب على أقوى المتداعيين شبهة، وهذا هو أصل مالك في الأيمان، ولذلك يوجب في مواضع اليمين على المدعي، وفي مواضع على المدعى عليه، وذلك أنه لم يجب اليمين بالنص على المدعى عليه من حيث هو مدعى عليه، وإنما وجبت عليه من حيث هو في الأكثر أقوى شبهة، فإذا كان المدعي في مواطن أقوى شبهة وجب أن يكون اليمين في حيزه» (١)، وقال في مسألة الاختلاف في المساقاة: «أوجب مالك اليمين في حق العامل؛ لأنه مؤتمن، ومن أصله أن اليمين تجب على أقوى المتداعيين شبهة» (٢).

ومن الشافعيَّة: استدلَّ أبو المعالي الجويني على أنَّ المتعاقدين يتحالفان إذا ادعى أحدهما شرطًا ونفاه الآخر؛ بأن «كل واحد منهما يدعي صفة وينكر صفة» (٣)، ثم قال بعد ذلك: «الاختلاف في العقود المشتملة على الأعواض يتضمن التحالف، فلا اختصاص لما ذكرنا بالبيع، فإذا تنازع المتكاريان تحالفا، وكذلك المتصالحان والمتكاتبان، وكذلك إذا اختلف الزوج والزوجة في الصداق، تحالفا، وكذلك التحالف جار في المساقاة، ومعاملة القراض. والجامع له أن التحالف يجري في كل عقد يشتمل على عوض» (٤). وهذا يبيِّن عظيم طرد الشافعيَّة لهذا الضابط، واستصحابهم له في سائر الأبواب.

وقال ابن أبي المظفر السمعاني في التحالف عند الاختلاف في الثمن بعد هلاك السلعة: «مدار المسألة تحقيقًا: على أن كل واحد منهما مدعٍ من وجه ومنكر


(١) بداية المجتهد ونهاية المقتصد (٣/ ٢٠٨).
(٢) بداية المجتهد ونهاية المقتصد (٤/ ٣٣). وانظر أيضًا: (٤/ ٦١).
(٣) نهاية المطلب في دراية المذهب (٥/ ٣٣٥).
(٤) نهاية المطلب في دراية المذهب (٥/ ٣٣٦).

<<  <   >  >>