من وجه آخر، وعندهم أنَّ البائع مدعٍ حقيقة والمشتري منكر حقيقة» (١)، ثم بيَّن وجه كون كل واحد منهما مدعيًا ومنكرًا.
وقال الزنجاني ﵀ في جملة من مسائل اختلاف المتبايعين:«كل واحد منهما مدعٍ من وجه، ومدعى عليه من وجه عندنا، من حيث إن كل واحد منهما ادعى عقدًا غير العقد الذي ادعاه صاحبه»(٢).
وقال الحصني ﵀ في بيان أن طرفي الدعوى قد يكون كلاهما مدعًى عليه:«قد يتفق أن يكون الواحد مدعيًا ومدعى عليه كالمتبايعين إذا اختلفا فيما يقتضي التحالف، وكذا الزوجان إذا اختلفا في قدر الصداق، وفي قدر بدل الخلع ونحوه»(٣).
ونصَّ ابن قاضي شهبة ﵀ على أن الزوجين إن اختلفا في قدر الصداق أو صفته تحالفا؛ «لأن كل واحد مدعٍ، ومدعى عليه»(٤).
ومن الحنابلة: يقول ابن قدامة ﵀ بأن القول قول البائع إن اختلفا في قدر المبيع؛ لأن «البائع ينكر بيع الزائد، فكان القول قوله بيمينه»(٥)، وقال في مسألة أخرى:«إن اختلفا في أجل، أو شرط، أو رهن، أو ضمين ونحوه، ففيه روايتان: إحداهما: القول قول من ينكره مع يمينه؛ لأنه منكر فأشبه منكر العقد من أصله»(٦). وهذه الرواية هي المعتمدة عند الحنابلة كما تقدم في المطلب الثاني، وقال الموفَّق أيضًا: «إن اختلفا
(١) النكت في المختلف (١/ ٣٩٨). ومراده بـ (عندهم) أي عند الحنفيَّة؛ لأن الكتاب موضوع في الخلاف بين المذهبين. (٢) نهاية الإقدام في مآخذ الأحكام (ص: ١٥٦). (٣) القواعد (٤/ ٢٤٥). (٤) بداية المحتاج في شرح المنهاج (٣/ ١٦٦). (٥) المغني (٤/ ١٤٧) بتصرف يسير. (٦) الكافي في فقه الإمام أحمد (٢/ ٦٠). وانظر أيضًا: المغني لابن قدامة (٤/ ١٤٦).