للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وهذا خطأٌ لقوله : «كُلُّ شَرْطٍ لَيْسَ فِي كِتَابِ اللهِ فَهُوَ بَاطِلٌ، وَلَو كَانَ مِائَةَ شَرْطٍ». فأثبت أحكام الشُّروط إذا جاء النص بها ودل الكتاب عليها» (١).

وأما الحنابلة فلتوسعهم في باب الشُّروط يكثر جدًّا الاستدلال عندهم بعموم حديث: «الْمُسْلِمُونَ عَلَى شُرُوطِهِمْ»، والبهوتي في (كشاف القناع) مثال ظاهر على ذلك، إذ استدل بعموم الحديث على صحة اشتراط الكفار على الأسير المسلم الإقامة عندهم وعدم الهرب إن أطلقوه (٢)، وعلى صحة الزيادة في خيار الشرط على ثلاثة أيام (٣)، وعلى صحة اشتراط السيد على مكاتبه عدم السفر (٤)، وغير ذلك في مواضع عديدة من الكتاب.

وأما السبب الثاني -وهو اختلاف المذاهب في المراد بمنافاة الشرط لمقتضى العقد- فيمكن فهم هذا من خلال تناول المذاهب لهذا المصطلح:

فالحنفيَّة بالغوا -في نظر الباحث- في مقتضى العقد حتى إنهم جعلوا خيار الشرط منافيًا لمقتضى العقد وإنما أبيح لمورد النص، يقول الكاساني : «الأصل أن شرط الخيار يمنع انعقاد العقد في حق الحكم للحال، فكان شرطًا مغيرًا مقتضى العقد وإنه مفسد للعقد في الأصل، وهو القياس، إلا أنا عرفنا جوازه استحسانًا بخلاف القياس بالنص» (٥)، ويقول المرغيناني : «شرط الخيار يخالف مقتضى العقد وهو اللزوم، وإنما جوزناه بخلاف القياس؛ لما رويناه من النص» (٦). فإذا كان


(١) الحاوي الكبير (٥/ ٣٥٥) بتصرف يسير.
(٢) انظر: (٣/ ١١٠).
(٣) انظر: (٣/ ٢٠٢).
(٤) انظر: (٤/ ٥٤٧). وابن قدامة في المغني استدل بالحديث في جملة من المسائل. انظر: (٧/ ٩٣، ٩/ ٢٩٥، ٣١٧، ١٠/ ٣٩١، ٣٩٩).
(٥) بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع (٥/ ١٧٤). وانظر أيضًا: (٥/ ٢٠٤).
(٦) الهداية في شرح بداية المبتدي (٣/ ٢٩).

<<  <   >  >>