مدى أبعد من المالكيَّة في تصحيح الشُّروط» (١)، وذكروا أيضًا أن المذهب الحنبلي يتوسع «في إباحة الشُّروط في عقد الزواج بوجه خاص، ويفوق في ذلك سائر المذاهب»، وقد نصَّ على قريب من هذا المعنى غير واحد من المعاصرين (٢).
والمسائل التي تدخل في هذا الباب هي: ما يشترطه أحد المتعاقدين على الآخر في عقد من العقود، كأن يشترط البائع منفعة معلومة في المبيع، أو يشترط الخيار مدة معلومة تزيد على ثلاثة أيام، أو أن يعطي المشتري البائعَ جزءًا من ثمن السلعة ويشترط إن جاءه بباقي الثمن وإلا فالجزء له، وهو ما يعرف ببيع العربون (٣)، أو أن تشترط الزوجة على زوجها ألا يسافر بها خارج بلادها، أو تشترط ألا يتزوج عليها، ونحو ذلك من الشُّروط.
وفي ختام تمهيد هذا الباب أُلْمِح إلى إشكالين يحتفان بباب الشُّروط في العقود:
الأول: أن باب الشُّروط في العقود له تقاطع ظاهر مع باب الغرر؛ وذلك أنَّ كثيرًا من الشُّروط يكون فيها نوع غرر يفسد به الشرط عند أحد المذاهب، وتقدَّم أن الشافعيَّة هم أضيق المذاهب في باب الغرر؛ ولذا أثَّر ضيقهم في باب الغرر على باب الشُّروط في العقود -على ما سيأتي بيانه إن شاء الله في هذا المبحث-، وبالجملة
(١) أبحاث هيئة كبار العلماء (١/ ٢٦٣)، وانظر أيضًا: (١/ ٢٧٩). وكان هذا البحث من توقيع كل من: معالي الشيخ إبراهيم ابن محمد آل الشيخ، ومعالي الشيخ: عبد الرزاق عفيفي، ومعالي الشيخ: عبد الله بن عبد الرحمن بن غديان ﵏، ومعالي الشيخ أ. د عبد الله بن سليمان بن منيع -حفظه الله- انظر: أبحاث هيئة كبار العلماء (١/ ٢٩٢). (٢) انظر: الشروط في العقود عند الحنابلة (ص: ٢٧٢، ٣٢١)، الشروط التعويضية في المعاملات المالية (١/ ١٢٨ - ١٣٢). (٣) سيأتي بحول الله مزيد تفصيل لبيع العربون في الفرع الثاني من المطلب الثاني.