للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقال شمس الدين ابن مفلح الجد في الأحوال التي يجوز فيها الجمع: «ولخوف تحرُّج في تَركه، أي: مشقة» (١). قال ابن قندس في حاشيته مبيِّنًا مراد المؤلف: «(مشقة) تفسير للتحرُّج، والمعنى: إذا خاف حرجًا في ترك الجمع، فإنه يجمع» (٢). وهذا ظاهر في أن معنى المشقة حاضر عند الحنابلة طردًا في جميع الصور.

وقال برهان الدين ابن مفلح الحفيد : «احتجَّ أحمد بأنَّ المرض أشد من السفر» (٣)، يعني أنَّ المشقة في المرض أعظم منها في السفر، فإذا جاز الجمع في السفر فجوازه في المرض أولى.

واستدلَّ البهوتي على جواز الجمع للعاجز عن الطهارة بالماء، أو العاجز عن التيمم لكل صلاة بأنَّ «الجمع أبيح للمسافر والمريض للمشقة، والعاجز عن الطهارة لكل صلاة في معناهما» (٤). وهذه النصوص ظاهرة الدلالة في أن الجمع يكون لأجل المشقة، والمشقة ليست خاصة بالسفر أو المطر، وهذا هو سبب التوسع في الباب عندهم.

وهنا تنبيهان:

الأول: أنَّ المستثنيات عند الحنابلة هي في الحقيقة طردٌ لهذا السبب، وذلك أنهم منعوا وجود المشقة في السفر القصير، ومنعوا وجود المشقة في الجمع بين الظهرين، وبهذا يعلم شديد تماسك المذهب في الباب.


(١) الفروع وتصحيح الفروع (٣/ ١١١).
(٢) حاشية ابن قندس على الفروع (٣/ ١١١).
(٣) المبدع في شرح المقنع (٢/ ١٢٥).
(٤) كشَّاف القناع (٢/ ٦).

<<  <   >  >>