للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

والثاني: أن قول الحنفيَّة بعدم الاشتراك في الأوقات أثَّر في غير هذا الباب؛ وذلك أنهم قالوا: الحائض إذا طهرت، أو الصبي إذا بلغ، أو المجنون إذا أفاق، أو الكافر إذا أسلم فإنه لا يصلي غير الفرض الذي وقع التكليف فيه، وأما ما يُجْمَع إليه من فرض قبله فإنه لا يقضيه؛ لعدم الاشتراك بين الأوقات (١).

وخلاصةُ الباب:

• أنّ الحنفيَّة هم أضيق المذاهب في الباب؛ إذ إنهم منعوا أصل الجمع؛ لمعارضته لمواقيت الصلاة، وقالوا بجواز الجمع في عرفة ومزدلفة؛ لثبوتها بالإجماع.

• وأمَّا الحنابلة فهم أوسع المذاهب في الباب؛ لتوسعهم في معنى المشقة، ورأوا أنَّ كلَّ مشقة يجوز معها الجمع. والمالكيَّة يأخذون بأصل المشقة إلا أنهم لا يتوسعون في إثباتها كما توسَّع الحنابلة.


(١) نبه إلى هذا ابن عبد البر في الاستذكار (١/ ٤٤) إذ يقول: «قال أبو حنيفة وأصحابه -وهو قول ابن علية- ومن طهرت من الحيض أو بلغ من الصبيان أو أسلم من الكفار لم يكن عليه أن يصلي شيئًا مما فات وقته، وإنما يقضي ما أدرك وقته بمقدار ركعة فما زاد إلا أنهم لا يقولون باشتراك الأوقات لا في صلاتي الليل ولا في صلاتي النهار، وسيأتي ذكر مذهبهم في الجمع بين الصلاتين في السفر»، وبالجملة: فالجمهور يرون وجوب قضاء الظهر فيمن كلف في قبل غروب الشمس، ووجوب قضاء المغرب فيمن كلف قبل طلوع الفجر، غير أنَّ المالكيَّة يشترطون أن يكون تكليفه بوقت يتسع لخمس ركعات، والشافعيَّة والحنابلة يقولون يكفي في ذلك مقدار تحريمة. وخالف في هذا الحنفيَّة فقالوا: لا يجب إلا الفرض الذي وقع التكليف فيه. انظر: التجريد للقدوري (١/ ٣٩٩)، الدر المختار وحاشية ابن عابدين (١/ ٣٥٦)، الذخيرة للقرافي (٢/ ٣٥)، الشرح الكبير للشيخ الدردير وحاشية الدسوقي (١/ ١٨٢)، البيان في مذهب الإمام الشافعي (٢/ ٤٧)، العزيز شرح الوجيز (١/ ٣٨٦)، المغني لابن قدامة (١/ ٢٨٧)، كشَّاف القناع (١/ ٢٥٩).

<<  <   >  >>