للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ومن الشافعيَّة: يقول الإمام الشافعي : «لا يُجمع في حضر في غير المطر من قبل أن الأصل أن يصلي الصلوات منفردات، والجمع في المطر رخصة لعذر، وإن كان عذرٌ غيره لم يجمع فيه؛ لأن العذر في غيره خاص -وذلك المرض والخوف وما أشبهه، وقد كانت أمراض وخوف فلم يُعلم أن رسول الله جَمَع-، والعذر بالمطر عام» ثم قال: «الدلالة على المواقيت عامة لا رخصة في ترك شيء منها ولا الجمع إلا حيث رخَّص النبي » (١)، وفي هذا دلالة على عدم تعليل الجمع بالمشقة، وإنما مردُّ الباب -عند الشافعي- إلى الأحوال التي جمع فيها النبي .

وقال الرافعي : «المشهور أنه لا جمع بالمرض والخوف والوحل؛ إذ لم يُنقل أنَّ الرسول جمع بهذه الأسباب مع حدوثها في عصره» (٢).

وقال النووي : «باب الجمع مضبوط بما جاءت به السنة، فلا يجوز بكل شاقٍّ، ولهذا لم يجوِّزوه لمن هو قيِّمٌ بمريض وشبهه، ولم تأت السنَّة بالوحل» (٣)، وهذا تصريح من النووي في أنَّ المشقة ليست هي العلة في باب الجمع بين الصلاتين.

وأما الحنابلة فقد سئل الإمام أحمد عن حديث ابن عباس أن النبي صلى ثمانيًا جميعًا وسبعًا جميعًا (٤)، فقال: «هو في الحضر. قال ابن عباس : أراد التوسعة على أمته» (٥)، والإمام أحمد إذا استدلَّ بقول صحابي فإن ذلك دالٌّ على الأخذ به (٦).


(١) الأم للشافعي (١/ ٩٥).
(٢) العزيز شرح الوجيز (٢/ ٢٤٧).
(٣) المجموع شرح المهذب (٤/ ٣٨٤).
(٤) تقدم تخريجه.
(٥) مسائل الإمام أحمد وإسحاق بن راهويه (٢/ ٧٨٧).
(٦) انظر: تهذيب الأجوبة (ص: ٢٧)، وقال ابن حمدان في صفة الفتوى (ص: ٩٧): «إن أجاب [يعني الإمام أحمد] في شيء بكتاب أو سنة أو إجماع أو قول صحابي كان الحكم مذهبه؛ لأنَّه اعتقد ما ذكره دليلًا حيث أجاب فيه وأفتى بحكمه، وإلا لبين مراده منه غالبًا ولأن ذلك كله حجة عنده فلو كان متأولًا أو معارضًا لتوقف فيه».

<<  <   >  >>