للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

• وقال الحنفيَّة: الجلسة بين السجدتين ليست بركن وإنما هي سنة (١)، وقال الجمهور: الجلسة بين السجدتين ركن (٢).


(١) انظر: البناية شرح الهداية (٢/ ٢٣١)، الدر المختار وحاشية ابن عابدين (١/ ٤٧٦).
(٢) انظر: مواهب الجليل في شرح مختصر خليل (١/ ٥٢٢)، بلغة السالك لأقرب المسالك مع حاشية الصاوي (١/ ٣١٤)، التذكرة في الفقه لابن عقيل (ص: ٤٩)، كشَّاف القناع (١/ ٣٨٧). تنبيه: حكى ابن جزي في القوانين الفقهية (ص: ٤٦)، أنَّ الجلسة بين السجدتين فرض بالإجماع، ولا شكَّ أن هذا الإجماع محل نظر، لا سيما وأنَّ المذهب عند الحنفيَّة عدم ركنيتها، بل وعند المالكيَّة خلاف في المسألة. وتعقَّب هذا الإجماع الحطاب في مواهب الجليل (١/ ٥٢٢)، بقوله: «وسمعت أنَّ عمدته في كتابه هذا الاستذكار لابن عبد البر، وقد حذَّروا من إجماعات ابن عبد البر ومن اتفاقيات ابن رشد ومن خلافيات الباجي قاله الشيخ زروق»، وانظر شرح زروق للرسالة (١/ ١٣٨). وأصل الكلام للمقري، إذ يقول في القاعدة العشرين بعد المئة في قواعده (ص: ١٣٧): «حذَّر النَّاصحون من أحاديث الفقهاء، وتحميلات الشيوخ، وتخريجات المتفقهين، وإجماعات المحدثين، وقال بعضهم: احذر أحاديث عبد الوهاب والغزالي، وإجماعات ابن عبد البر، واتفاقات ابن رشد، واحتمالات الباجي، واختلافات اللخمي»، والمراد بعبد الوهاب هو: القاضي عبد الوهاب المالكي، وقال ابن القطان في إحكام النظر في أحكام النظر بحاسة البصر (ص ٢٢٦): «معلوم أنَّ ابن عبد البر إذا حكى الإِجماع، فما يحكيه بنقل متصل إلى المتعين به، وإنما هو بتصفحه، والتصفح أكثر ما يحصل عنه في هذا الباب عدم العلم بالخلاف فيه».
وبالجملة فلم أقف على هذا الإجماع في الاستذكار، وإنما الذي وقفت عليه هو قول ابن عبد البر في التمهيد (١٠/ ١٩٠): «الجلوس بين السجدتين فرض لا خلاف فيه»، ونفيُ الخلاف مرتبة أضعف من الإجماع، وكذلك نفي الخلاف المطلق أضعف درجة من نفي الخلاف المقيَّد؛ لأنَّه «قد يفهم منه نفي الخلاف بين علماء مذهبه الفقهي الخاص» قاله د. أسامة القحطاني في موسوعة الإجماع في الفقه الإسلامي (١/ ٤٦). ويقول شيخنا د. عبد الرحمن الموجان: «لابن عبد البر منهج دقيق في حكاية الإجماع، فهو لا يعتدُّ بمخالفة من لا يستند إلى دليل ظاهر من النقل أو صحيح النظر في مخالفته، لذا ظنَّ بعض العلماء أن إجماعات ابن عبد البر غير محقَّقة، وليس الأمر كذلك». وقال أيضًا: «قد رأيت في المسائل التي بحثتها أن الكثير من العلماء سبقوه أو تابعوه على حكايته الإجماع، والتي لم يوافق عليها منها قليل، فكيف يحذَّر مع هذا من إجماعاته!» إجماعات ابن عبد البر جمعا ودراسة من كتاب الأيمان والنذور إلى آخر كتاب البيوع (ص: ٩٦، ٩٢١).

<<  <   >  >>