نجس بكل حال، وربَّ جلد لا يتلوث بشيء من الرطوبات بعد الموت ويكون في جفافه ونظافته مثل ما كان في حال الحياة، فثبت أن الموت منجس بنفسه» (١)، ونحو من هذا ذكر الغزالي (٢)، وابن السمعاني (٣)، والزنجاني (٤)﵏.
ومن الحنابلة يقول ابن الزاغوني ﵀ في مسألة دباغ جلود الميتات:«مأخذ المسألة: أن نجاسة الجلد عندنا نجاسة عينية، وعنده نجاسة مجاورة فتزول بالمعالجة، وهذا ينبني على أصل، وهو: أنَّ الموت عندنا منجِّس لعينه وذاته، وعندهم المنجِّس هو الرطوبات المنبعثة والدماء السيَّالة»(٥).
ويقول الموفق ابن قدامة ﵀ في سبب نجاسة الجلد: إنه إنما «حَرُمَ بالموت، فكان نجسًا كما قبل الدبغ، وقولهم: إنه إنما نجس لاتصال الدماء والرطوبات به غير صحيح؛ لأنَّه لو كان نجسًا لذلك لم ينجس ظاهر الجلد … »(٦)، وأشار الموفق أيضًا إلى قريب من هذا المعنى في مسألة طهارة جلد غير المأكول بالذكاة (٧)، ومن قبله ذكر ذلك أبو الخطاب الكلوذاني في المسألتين أيضًا (٨).
السبب الثاني في توسع الحنفيَّة في باب الآنية: أنهم نظروا إلى أصل الآنية، فإن كانت مباحة فالتابع لها من ذهب أو فضة مباح أيضا؛ لأنَّه عند الحنفيَّة «العبرة للمتبوع دون التابع»(٩). وعلى هذا المعنى الأواني المضبَّبَة بالذَّهب والفضَّة، وكذا الأواني المطليَّة والمكفَّتة بهما.