للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

• وقالوا أيضًا: لبن الميتة لا ينجس بموتها (١).

ويظهر بوضوح أنَّ سبب النجاسة في غالب ما تقدم -مع اختلاف المسائل- مردُّه إلى أنَّ أجزاء الميتة التصق بها بعض الدُّسومات النَّجسة، ولكون هذه هي العلة الموجبة للنجاسة فإن زوالها بأي سبب كان كالدبغ أو التَّذكية أو التَّشميس أو التَّتريب، أو عدم وجودها أصلًا كما في العظم ونحوه موجب للقول بالطهارة فيها عند الحنفيَّة.

وأما الجمهور فخالفوا الحنفيَّة في هذا، ورأوا أنَّ الموت بذاته هو السَّبب في نجاسة الميتات:

فمن المالكيَّة يقول ابن القصار : «علَّة التنجيس هو الموت فلا يجوز أن ترتفع النجاسة مع بقاء العلة؛ لأن الموت لا يمكن دفعه» (٢).

وذكر القاضي عبد الوهاب أن سبب نجاسة جلد الميتة: «أنه جزء من الميتة، نجس بالموت، فوجب أن تتأبد نجاسته كاللحم» (٣).

ومن الشافعيَّة يقول السمعاني في مناقشته لما أخذ به الحنفيَّة: «قولهم: (إن النجاسة تكون باتصال الرطوبات والأشياء السيالة إليه) فليس بشيء؛ لأن الجلد


(١) انظر: اللباب في الجمع بين السنة والكتاب (١/ ٦٩)، تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق وحاشية الشلبي (١/ ٢٦)، الدر المختار وحاشية ابن عابدين (١/ ٢٠٦). وقال الجمهور: ينجس. انظر: التفريع في فقه الإمام مالك بن أنس (١/ ٣٢١)، مواهب الجليل في شرح مختصر خليل (١/ ٩٢)، التهذيب في فقه الإمام الشافعي (١/ ١٨٥)، البيان في مذهب الإمام الشافعي (١/ ٧٩)، الكافي في فقه الإمام أحمد (١/ ٥١)، كشَّاف القناع (١/ ٥٦).
(٢) عيون الأدلة في مسائل الخلاف بين فقهاء الأمصار (٢/ ٨٩١).
(٣) الإشراف على نكت مسائل الخلاف (١/ ١١٠).

<<  <   >  >>