للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الجلد من النجاسات، قال السرخسي : «أصحُّ ما قيل في حد الدباغ عندنا: ما يعصمه من النتن والفساد، حتى إذا شمَّسه أو ترَّبه كان ذلك دباغًا عندنا» (١)، وكذلك قال الحنفيَّة تَطهُر جلود الحيوانات المحرم أكلها بذكاتها؛ «لأنَّ الذكاة تزيل الرطوبات وتخرج الدماء السائلة» (٢)، بل نصَّ بعض الحنفيَّة على أنَّ ذكاة غير المأكول آكد في تطهير الجلود من دباغها بعد الموت؛ لأن الذكاة «تمنع اتصال الرطوبات النجسة، والدباغةُ تزيلها بعد الاتصال؛ لفساد البنية بالموت، فأما قبله فكل شيء بمحله» (٣).

ومما يقرّرُ توسّع الحنفيَّة في الانتفاع بأجزاء الميتات أنهم قالوا:

• جميعُ الأجزاء التي لا دم فيها من الميتات كالقرن والسن والحافر والخف والظلف والعصب والإِنْفَحَة (٤) ليست بنجسة (٥)؛ وذلك لأن «نجاسة الميتات ليست لأعيانها، بل لما فيها من الدماء السائلة والرطوبات النجسة، ولم توجد في هذه الأشياء» (٦).


(١) المبسوط للسرخسي (١/ ٢٠٢).
(٢) الاختيار لتعليل المختار (٥/ ١٣). وانظر أيضًا: بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع (١/ ٨٦).
(٣) حاشية الطحطاوي على مراقي الفلاح شرح نور الإيضاح (ص: ١٦٩).
(٤) الإنفحة: كرش الحمل أو الجدي ما لم يأكل، فإذا أكل، فهو كرش. انظر: تهذيب اللغة (٥/ ٧٣)، النظم المستعذب في تفسير غريب ألفاظ المهذب (١/ ٢٥٧)، المطلع على ألفاظ المقنع (ص: ٢٢). وذكر النووي في تحرير ألفاظ التنبيه (ص: ١٩٠) أنَّ فيها «أربع لغات: أفصحهن عند الجمهور إِنفَحَة بكسر الهمزة وفتح الفاء وتخفيف الحاء، والثانية كذلك لكنها بتشديد الحاء، والثالثة بفتح الهمزة مع التشديد، والرابعة المنفحة بكسر الميم وإسكان النون وتخفيف الحاء».
(٥) انظر: بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع (١/ ٦٣)، فتح القدير للكمال ابن الهمام (١/ ٩٦).
(٦) بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع (١/ ٦٣).

<<  <   >  >>