ووجه الدلالة: أنَّ في اتخاذ النبي ﷺ الفضَّة مكان الشعب دلالة بالنصِّ على جواز ضبة الفضَّة، وإذا جازت ضبة الفضَّة فإنه يلحق بها ضبة الذَّهب (٢).
الدليل الثاني: أنَّ الضبَّة من الذَّهب والفضَّة في الأواني تابعة للإناء المباح، والتابع له حكم المتبوع (٣).
الدليل الثالث: القياس على عَلَمِ (٤) الحرير في الثوب، وذلك أنَّ لبس الحرير الخالص محرَّم، لكن الشارع أباح العلَمَ من الحرير، وكذلك إناء الذَّهب والفضَّة فالخالص منه محرَّم، لكنْ تُباح الضبَّة من الذَّهب والفضَّة قياسًا على علم الحرير (٥).
الدليل الرابع: الاستصحاب؛ وذلك أنَّ «الأصل في المخلوقات إباحة الانتفاع بها، والحرمة لعارض، والنصُّ ورد في تحريم الشرب والأكل في آنية الذَّهب والفضَّة، فكلُّ ما يشبه المنصوص عليه في الاستعمال يلحق بالمنصوص عليه، وما لا يشبه المنصوص عليه يبقى على أصل الإباحة»(٦).
(١) أخرجه البخاري في (كتاب فرض الخمس، باب ما ذكر من درع النبي) (٤/ ٨٣) رقم (٣١٠٩). (٢) استدل بالحديث بعض علماء الحنفيَّة على عموم الجواز، منهم الزيلعي في تبيين الحقائق (٦/ ١١) ونقله عنه ابن عابدين في حاشيته (٦/ ٣٤٤). ولم أقف على تصريح منهم على وجه الدلالة في الحديث، ولعل ما ذكرته هو وجه الدلالة من الحديث، والله أعلم. (٣) انظر: التجريد للقدوري (١/ ٩٩)، بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع (٥/ ١٣٢)، العناية شرح الهداية (١٠/ ٨). (٤) العلم: هو الطراز في الثوب من الحرير أو الذَّهب أو من غيرهما. انظر: الصحاح تاج اللغة وصحاح العربية (٥/ ١٩٩٠)، الإبانة في اللغة العربية (٣/ ٤٩٨)، لسان العرب (٥/ ٣٦٨)، المصباح المنير في غريب الشرح الكبير (٢/ ٣٧١). (٥) انظر: شرح مختصر الطحاوي للجصاص (٨/ ٥٤٨). (٦) المحيط البرهاني في الفقه النعماني (٥/ ٣٤٧) بتصرف يسير.