الإمام أحمد في مسائل متعدِّدة» قاله ابن تيمية ﵀(١)، وقال ابن المبرد ﵀ في معرض مقارنة المذهب الحنبلي مع المذاهب الثلاثة:«إذا نظرت على مذهب أحمد في مسائل كثيرة وجدته وسطًا»(٢).
ويقول محي الدين عبد الحميد ﵀ في مقدمة تحقيقه (المنهج الأحمد): «قد كنا في عهد الصبا نسمع الرجل يصف رجلا آخر، فإذا أراد أن ينعته بضيق الصدر والتزمت قال:(إنه حنبلي)، ولا يزال الناس إلى يومنا هذا يذكرون هذه العبارة في مثل هذا المعرض، وكنا في عهد الصبا نتوهم في هذه العبارة وما يشبهها أن مذهب الحنابلة في الفروع شديد الحرج صعب التكاليف، فلما أراد الله بنا الخير واتَّصلنا بالفقه الإسلامي وقرأنا فيما قرأنا كتب الحنابلة من أتباع الإمام الورع الزاهد الحجة أحمد بن محمد بن حنبل علمنا علم اليقين أن هذا المعنى الذي مرَّ بأذهاننا من قول الناس ليس له أصل يستند إليه، ولا أساس يرتكز عليه، وما زال هذا المعنى يمَّحي من أذهاننا يومًا بعد يوم حتى استقرَّ عندنا أن مذهب أحمد -رضي الله تعالى عنه- هو أقرب مذاهب الأئمة الأربعة تمثيلا لسماحة هذا الدين، ويسر تكاليفه، ونفي الحرج والمشقة عن المكلَّفين» (٣).
ولأجل جميع ما تقدَّم فهذه القضية -أعني: ضيق الحنابلة- لا تعدو أن تكون
(١) جامع المسائل لابن تيمية (٩/ ٢٥١). فائدة: ابن تيمية من أوسع الفقهاء في أبواب المعاملات المالية، وقد جمع د. أبو سريع محمد عبد الهادي التيسير عند شيخ الإسلام في كتاب أسماه: (التيسير في فقه الإمام ابن تيمية). وسيأتي في أثناء هذه الرسالة ما يؤيِّد ذلك. (٢) نقله عنه أحمد المنقور في الفواكه العديدة في المسائل المفيدة (١/ ٥٢). (٣) (١/ ٢١) بتصرف يسير.