للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

لا حد على المرأة إذا مكنت مجنونًا، وعلى العاقل الحد إذا زنى بمجنونة، ولا حد عليه بخرساء في أمور لا يحويها ضبط، وليست من غرضنا» (١).

ومن الحنابلة يظهر ابن قدامة مثالًا واضحًا في منعه وجود الشبهة في محالِّ النزاع، من ذلك أنه قال في قول الحنفيَّة إن استئجار المرأة على الزنى شبهة من جهة ملكه منفعتها: «ليس بصحيح، فإنه إذا لم يسقط عنه الحد ببذلها نفسها له، ومطاوعتها إياه، فلأن لا يسقط بملكه نفع محل آخر أولى» (٢). وقال في مسألة اشتراط حضور شهود الزنى الرجم والبداءة به: «لا نسلم أن تخلفهم عن الحضور، ولا امتناعهم من البداءة بالرجم، شبهة» (٣). وقال في العقد على المحارم: «صورة المبيح إنما تكون شبهة إذا كانت صحيحة، والعقد هاهنا باطل محرم، وفعله جناية تقتضي العقوبة، انضمت إلى الزنى، فلم تكن شبهة» (٤). وقال في مسألة سقوط الحد بالتقادم: «الحد لا يسقط بمطلق الاحتمال، فإنه لو سقط بكل احتمال، لم يجب حد أصلًا» (٥).

وأنبِّه في ختام المطلب إلى أنَّ هذا السبب يرجع إليه عامَّة المسائل في الباب، وإن كان ثمة مسائل لها أسباب أخرى مثل مسألة (عدم الحد في اللواط)، فهي عند الحنفيَّة راجعة إلى عدم دخولها في معنى الزنى، ثم القياس لا يجري عندهم في الحدود، وقد تقدَّم الكلام على ذلك.

وخلاصةُ الباب:

• أنّ الحنفيَّة توسَّعوا في معنى الشبهة الدارئة للحد في باب الزنى، فنتج عن ذلك سعتهم في درء حد الزنى.


(١) نهاية المطلب في دراية المذهب (١٧/ ٢٠٨).
(٢) المغني (٩/ ٨٠).
(٣) المغني (٩/ ٤٦).
(٤) المغني (٩/ ٥٥).
(٥) المغني (٩/ ٧٦).

<<  <   >  >>