وقال زين الدين ابن نجيم ﵀:«الزاني لو ادَّعى أنها زوجته سقط الحد عنه، وإن كانت زوجة للغير ولا يكلف إقامة البينة للشُّبهة»(٢).
والملاحظ أن المسائل تختلف، إلا أنَّ معنى الشبهة قائم في كلِّ ما تقدم من المسائل عند الحنفيَّة، بل إن الحنفيَّة لعظيم أمر الشبهة عندهم أفردوا لها بابًا مستقلًّا، وهو باب (باب الوطء الذي يوجب الحد والذي لا يوجبه)(٣).
ومن المالكيَّة يقول الفندلاوي ﵀ في معرض جوابه على الحنفيَّة في مسألة من استأجر امرأة ليزني بها:«ادعاؤهم شبه العقد باطل؛ لأن العقد إذا لم يصادف محله لا يكون شبهة»(٤). وقال في نكاح المحارم:«ادِّعاء الشبهة في وطئهن مع العلم بالتحريم لأنه قارنه عقد نكاح محال؛ لأنه عقد باطل، وهوس حاصل، وهذيان وخذلان، فوجود ذلك العقد وعدمه سواء؛ لأن دليل الشرع قد دل على أن ذوات المحارم ليس هن محلًّا للنكاح من حرمن عليه، فإذا ثبت هذا فادعاؤهم الشُّبهة باطل»(٥).
وتقدَّم أنَّ المالكيَّة انفردوا بقبول الشهادة على الشهادة في الحدود عمومًا، وذكر القرافي ﵀ دليل الجمهور وهو أن «الحدود تسقط بالشبهة، وتوهُّم الغلط في
(١) انظر: فتح القدير (٥/ ٢٢٦). ووجه الشبهة: أن الشاهد ربما يتجاسر على الشهادة لكن يستعظم المباشرة فيأبى أو يرجع، ولأجل هذا أمر بالبداءة بالرجم. انظر: تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق وحاشية الشلبي (٣/ ١٦٨)، البناية شرح الهداية (٦/ ٢٦٩). (٢) البحر الرائق شرح كنز الدقائق (٥/ ٨). (٣) انظر: الهداية في شرح بداية المبتدي (٢/ ٣٤٤)، كنز الدقائق (ص: ٣٤٩)، الدر المختار وحاشية ابن عابدين (٤/ ١٨). (٤) تهذيب المسالك في نصرة مذهب مالك (٣/ ٣٥٤). (٥) تهذيب المسالك في نصرة مذهب مالك (٣/ ٣٥١) بتصرف يسير.