للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

إذا تبيَّنَت هذه الأنواع فإن الأبواب ليست على درجة واحدة، فمن الأبواب ما يكون الإجماع والاتفاق غالبًا عليها كباب الفرائض (١)، ومن الأبواب ما يكون الخلاف فيها كثيرًا جدًّا بالنسبة إلى الإجماع والاتفاق؛ ككثيرٍ من أبواب المعاملات الماليَّة.

بعد هذه التقدمة يمكن القول: إن عامة الأبواب الفقهيَّة لا يظهر فيها توسُّع أو ضيق من أحد المذاهب، بل المذاهب تتجاذب المسائل الخلافيَّة في الباب. وهذا جواب لسؤال قد يرد: أين عامَّة الأبواب الفقهيَّة من الاتساع والضيق؟

وأنا أمثِّل بباب يتَّضح به هذا المقال، وهو (باب نواقض الوضوء):

فأصولُ المسائل التي وقع فيها الخلاف بين المذاهب الأربعة في باب نواقض الوضوء يمكن حصرها في عشر مسائل، هي: (الخارج من السبيلين، وخروج النجاسات من البدن، وصفة النوم الناقض، والارتداد عن الإسلام، والقهقهة في الصلاة، ومس الفرج، ومس المرأة، وأكل لحم الجزور، وغسل الميت، والشك في الحدث) (٢)، ثم إنَّ كلَّ مذهب وقع منه ضيق وتشديد انفرد به عن الجمهور:


(١) توصَّل الباحث د. عزيز العنزي -حفظه الله- إلى «أن أغلب أبواب الفقه التي يكثر فيها صحة الإجماع (أبواب الفرائض)، والسبب يرجع إلى أنَّ أغلبها نصوص ظاهرة، وقطعيَّة» وقد ذكر أن الإجماعات المحكية في الفرائض (١٤٩) صحَّ الإجماع في (١٢٧) إجماعا. انظر: موسوعة الإجماع في الفقه الإسلامي (٨/ ٨٧٨).
(٢) حصرتُ هذه المسائل من المغني لابن قدامة (١/ ١٢٥ - ١٤٥).

<<  <   >  >>