للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ومعلوم مما تقدَّم أنَّ الفصلَ جزءٌ من الباب وأنَّ الباب جزءٌ من الكتاب (١).

إذا تبيَّن هذا فإن الفرق بين الباب وبين أفراد المسائل ظاهر من حيث اصطلاح الفقهاء؛ ولذا فالسَّعة أو الضيق واقع في أفراد عامَّة المسائل، ولكن لا يستلزم من ذلك السَّعة أو الضيق في الباب بعمومه؛ إذ إن المذاهب تتجاذب السَّعة والضيق في مسائل الأبواب، فقد يكون ضيِّقًا في مسألة واسعًا في أخرى، ولكن إذا برزت سعة مذهب أو ضيقه في عامَّة مسائل الباب صحَّ إطلاق السَّعة أو الضيق عليه في الباب.

وعليه فقد يردُ عن بعض أهل العلم إطلاق لفظ السَّعة أو الضيق على مسألة بعينها، ولا يكون مرادهم في ذلك الاتساع والضيق في الباب، ومحل هذه الدراسة هو السَّعة والضيق في الأبواب بعمومها لا في المسائل بأعيانها، وذلك أنّ الثاني لا يمكن حصره من وجه، والفائدة الواقعة من جمعه وبيانه أشبه بالمنعدمة من وجه آخر؛ إذْ لا تكاد تخلو عامَّة المسائل من موسِّع أو مضيِّق.

ومن أمثلة كلام العلماء على السَّعة والضيق في المسائل المفردة: قول ابن تيمية في حكم نقل الوقف للمصلحة: «كان الإمام أحمد يتوسع في هذا الباب ما لا يتوسع غيره، والناس محتاجون إلى ذلك» (٢)، وذكر الكشميري الحنفي في مسألة قبض


(١) انظر: الغرر البهية في شرح البهجة الوردية (١/ ١٢). نكتة: نصَّ الحطاب في مواهب الجليل (١/ ٤٣) على فائدة التقسيم بين الكتب والأبواب والفصول بقوله: «وحكمة تفصيل المصنفات بالكتب والأبواب والفصول تنشيط النفس وبعثها على الحفظ والتحصيل بما يحصل لها من السرور بالختم والابتداء ومن ثم كان القرآن العظيم سورًا، والله أعلم. وفي ذلك أيضًا تسهيل للمراجعة والكشف عن المسائل».
(٢) جامع المسائل لابن تيمية (٩/ ٢٥٢). ومراد الشيخ بالباب هنا ليس المعنى الاصطلاحي المتقدِّم ذكره، وإنما مراده عموم مسألة نقل الوقف. وقد جرى بعض أهل العلم على تسمية بعض المسائل المهمة بالأبواب.

<<  <   >  >>