قواعد مذهبنا مما نص عليه غير أئمتنا فحسب كالحنفيَّة فإنهم أوسع الناس في هذا الباب» (١). وقال أيضا في مذهب أبي حنفية «قد توسع أصحابه في المكفرات وعدوا منها جملًا مستكثرةً جدًّا، وبالغوا في ذلك أكثر من بقية أئمة المذاهب»(٢). ومراده في جميع ما سبق أنَّ الحنفيَّة أكثروا من القول بالمكفرات خلافًا لغيرهم، ولا يمكن حمل هذا الكلام إلا على المعنى الثاني.
والتنبيه الثالث: أنَّ هذا المعنى إنما سمَّاه الباحث معنًى فرعيًّا؛ لأنَّه درج على المعنى الأول في غالب البحث، وهو أن المراد بالسَّعة التيسير والتخفيف، فإذا كان المراد المعنى الثاني -وهو الإكثار من إثبات مسائل الباب- فإنه يجري التنبيه على ذلك في تمهيد كل باب -على ما سيأتي بحول الله- بالقول:(مراد الباحث بالسَّعة في هذا الباب: كذا، والمراد بالضيق: كذا). وإنما جرى الباحث على هذا لئلا يقع اللَّبسُ بين المعنيين.
* * *
(١) الفتاوى الحديثية (ص: ١٤٢). والكتاب المشار إليه هو كتاب لابن حجر أيضًا أَّلفه بسبب فتنة وقعت له بعد أن أفتى بأن من قال: (يا عديم الدين) يعزر تعزيرًا شديدًا بل ربما أن يكون قوله كفرًا. ثم أتبع ذلك بجمل من المكفرات القولية أو الفعلية. انظر: الإعلام بقواطع الإسلام (ص: ٤٥، ٧١). (٢) الزواجر عن اقتراف الكبائر (١/ ٤٦).