للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ونصَّ الحَمَوي على أنَّ «المراد بالاتِّساع: الترخُّص عن الأقيسة وطرد القواعد، والمراد بالضيق: المشقَّة» (١)، ونصَّ أيضًا على أنَّ قاعدة (إذا ضاق الأمر اتَّسع) بمعنى قاعدة (المشقَّة تجلب التَّيسير) (٢).

ومن هذا المعنى حديث سلمة بن صخر إذ قال لقومه: «وَجَدْتُ عِنْدَكُمُ الضِّيقَ، وَسُوءَ الرَّأْيِ، وَوَجَدْتُ عِنْدَ النَّبِيِّ السَّعَة، وَحُسْنَ الرَّأْيِ، وَقَدْ أَمَرَ لِي بِصَدَقَتِكُمْ» أخرجه الخمسة إلا النسائي (٣).


(١) غمز عيون البصائر في شرح الأشباه والنظائر (١/ ٢٧٣).
(٢) ? المصدر السابق.
(٣) أخرجه أبو داود في (كتاب الطلاق، باب في الظهار) (٢/ ٢٣٣) رقم (٢٢١٣) والترمذي في (أبواب تفسير القرآن عن رسول الله ، باب ومن سورة المجادلة) (٥/ ٣٢٨) رقم (٣٢٩٩) وابن ماجه في (أبواب الطلاق، باب الظهار) (٣/ ٢١٢) رقم (٢٠٦٢)، وأحمد في (أول مسند المدنيين أجمعين، حديث سلمة بن صخر الزرقي الأنصاري (٧/ ٣٥٨١) رقم (١٦٦٨١). والحديث له قصة، إذ يقول سلمة بن صخر «كنت امرأ أصيب من النساء ما لا يصيب غيري فلما دخل شهر رمضان خفت أن أصيب من امرأتي شيئًا يُتَايَع بي حتى أصبح، فظاهرت منها حتى ينسلخ شهر رمضان فبينا هي تخدمني ذات ليلة إذ تكشف لي منها شيء، فلم ألبث أن نزوت عليها فلما أصبحت خرجت إلى قومي فأخبرتهم الخبر، وقلت: امشوا معي إلى رسول الله قالوا: لا والله، فانطلقت إلى النبي فأخبرته، فقال: أنت بذاك يا سلمة؟ قلت: أنا بذاك يا رسول الله مرتين، وأنا صابر لأمر الله ﷿ فاحكم في ما أراك الله، قال: حرِّر رقبة قلت: والذي بعثك بالحق ما أملك رقبة غيرها، وضربت صفحة رقبتي، قال: فصُم شَهرين مُتتابعين، قال: وهل أصبت الذي أصبت إلا من الصيام، قال: فأطعم وسْقًا من تمرٍ بَيْن ستين مسكينًا، قال: والذي بعثك بالحق لقد بتنا وحشين ما لنا طعام، قال: فانطلق إلى صاحب صدقة بني زريق فليدفعها إليك فأطعم ستين مسكينًا وسقًا من تمر، وكل أنت وعيالك بقيتها، فرجعت إلى قومي فقلت: وجدت عندكم الضيق وسوء الرأي، ووجدت عند النبي السعة وحسن الرأي، وقد أمر لي بصدقتكم». والحديث أعلَّه بعض أهل العلم -كالبخاري وعبد الحق الإشبيلي- بالانقطاع، وذلك أنَّ سليمان بن يسار لم يسمع من سلمة بن صخر، وأُعلَّ كذلك بتدليس ابن إسحاق؛ إذ لم يصرِّح بالتَّحديث وهو معروف بالتدليس. وذهب بعض العلماء -كابن خزيمة والحاكم - إلى تصحيحه، وقال الترمذي: حديث حسن. انظر: التاريخ الكبير للبخاري (٥/ ٦٧)، العلل الكبير للترمذي (ص: ١٧٥)، صحيح ابن خزيمة (٤/ ١٢٤) مستدرك الحاكم (٢/ ٢٠٣)، الأحكام الوسطى (٣/ ٢٠٥)، بيان الوهم والإيهام في كتاب الأحكام (٥/ ٧٦٦)، البدر المنير (٨/ ١٥٣)، التلخيص الحبير (٣/ ٤٤٥). وقوله: (يتايع) أي: أسارع فيه، وضبطه بعض العلماء (يتابع)، وقوله: (وحشين) أي: جائعين. انظر: معالم السنن (٣/ ٢٥١)، النهاية في غريب الحديث (٥/ ١٦١)، البدر المنير (٨/ ١٥٥)، شرح سنن أبي داود لابن رسلان (٩/ ٦٧٥)، موافقة الخبر الخبر في تخريج أحاديث المختصر (١/ ٥٠٠).

<<  <   >  >>