وعليه فأضيق المذاهب في هذه المسألة من قال بالمنع من هبة المشاع الذي يمكن قسمته، وهم الحنفيَّة، وقد استدلوا على هذه المسألة بأدلة، منها:
الدليل الأول: ما رُويَ عن رسول الله ﷺ أنه قال: «لا تَجُوزُ الهِبَةُ إِلّا مَقْبُوضَةً مَحُوزَةً» ذكره بعض علماء الحنفيَّة في كتبهم (٢).
ووجه الدلالة من الحديث: أن المراد بالحيازة هنا هو القسمة بالإجماع (٣)، وعلى ذلك فلا يصح هبة المشاع غير المقسوم؛ لأنَّ الحيازة ناقصة فلا تنتهض لإفادة الملك (٤).
(١) انظر: المعونة على مذهب عالم المدينة (ص ١٦٠٩)، الجامع لمسائل المدونة (١٩/ ٥٨٨)، الذخيرة للقرافي (٦/ ٢٣٠)، الحاوي الكبير (٧/ ٥٣٤)، التهذيب في فقه الإمام الشافعي (٤/ ٥٢٩)، مغني المحتاج إلى معرفة معاني ألفاظ المنهاج (٣/ ٥٦٣)، مسائل الإمام أحمد وإسحاق بن راهويه (٩/ ٤٧٧٦)، الإنصاف في معرفة الراجح من الخلاف (١٧/ ٣٨)، شرح منتهى الإرادات (٢/ ٤٣٣). (٢) بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع (٦/ ١١٥)، تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق وحاشية الشلبي (٥/ ٩١). والحديث نصَّ ابن أبي العز الحنفي والعيني -رحمهما الله- على أنه لا أصل له، وقال الزيلعي ﵀ عن الحديث: إنه غريب. يريد بذلك عدم الوقوف عليه، وذكر ابن حجر ﵀ أنه لم يجد الحديث. انظر: نصب الراية (٤/ ١٢١)، العناية شرح الهداية (٩/ ٢٠)، التنبيه على مشكلات الهداية (٥/ ٥٨٧)، الدراية في تخريج أحاديث الهداية (٢/ ١٨٣). وروى قريبًا من اللفظ عبد الرزاق في مصنفه عن إبراهيم النخعي. انظر: مصنف عبد الرزاق (كتاب المواهب، باب الهبات) (٩/ ١٠٧)، رقم (١٦٥٢٩). (٣) انظر: تحفة الفقهاء (٣/ ١٦٢). (٤) انظر: البناية شرح الهداية (١٠/ ١٧١).