للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

بعمومهما على بطلان كل شرط ليس في كتاب الله؛ ولذا يقع النزاع بين العلماء في دخول الشرط في أحد العمومين، فالحنابلة يأخذون بحديث «الْمُسْلِمُونَ عَلَى شُرُوطِهِمْ» في كثير من الشُّروط المتنازع فيها، أما المضيِّقون في الباب فيستدلون كثيرًا بعموم أحاديث النهي (١).

السبب الثاني: اختلاف المذاهب في المراد بمقتضيات العقود، فإنَّ المذاهب متفقة كما تقدم على بطلان الشرط إذا خالف مقتضى العقد ومقصوده، غير أنَّه يقع


= والثاني: حاله في رواية الحديث فيها كلام. انظر: بيان الوهم والإيهام في كتاب الأحكام (٣/ ٥٢٧)، المغني لابن قدامة (٤/ ٧٣)، المجموع شرح المهذب (٩/ ٣٦٨)، إرشاد الفقيه إلى معرفة أدلة التنبيه (٢/ ١٧)، مجمع الزوائد ومنبع الفوائد (٤/ ٨٥). تنبيه: قال ابن تيمية في مجموع الفتاوى (١٨/ ٦٣): «هذا حديث باطل ليس في شيء من كتب المسلمين وإنما يروى في حكاية منقطعة»، وقال في موضع (٢٩/ ١٣٢) عن الحديث: «ذكره جماعة من المصنفين في الفقه، ولا يوجد في شيء من دواوين الحديث. وقد أنكره أحمد وغيره من العلماء. وذكروا أنه لا يعرف، وأن الأحاديث الصحيحة تعارضه»، وكأن ابن عبد الهادي في مجموع رسائله (ص: ٢٢٨) لم يرتض هذا الإطلاق من شيخ الإسلام فقال بعد نقله لكلام ابن تيمية: «هكذا قال شيخنا»؛ وذلك أن الحديث مروي في بعض كتب الحديث -كالأوسط للطبراني وعلوم الحديث للحاكم- كما تقدم في تخريجه. ويحتمل أن مراد شيخ الإسلام بهذا الإطلاق عدم صحة الحديث وأنه لا أصل له ثابت، يقول الألباني في سلسلة الأحاديث الضعيفة والموضوعة وأثرها السيئ في الأمة (١/ ٧٠٣): «قد أشكل هذا على بعض الطلبة في المدينة المنورة فذكر ما أخرجه الحاكم في علوم الحديث … ولا إشكال في هذا؛ لأنَّ السند مداره على ابن زاذان، وهو شديد الضعف، لقول الدارقطني فيه: متروك. وشيخه الذهلي، لم أعرفه … ثم لو صحَّ السند بذلك إلى أبي حنيفة، لم يصح حديثه، لما هو معروف من حال أبي حنيفة في الحديث».
(١) نقل ابن بطال عن المهلب قوله بعد ذكره أحاديث الشروط: «هؤلاء الفقهاء حملوا تأويلها على العموم، وظنوا أن كل واحد من هؤلاء الأحاديث عامل في السنة كلها، وليس كذلك، ولكل واحد موضع لا يتعداه». شرح صحيح البخاري لابن بطَّال (٨/ ١٠٨).

<<  <   >  >>