من وراء الحجر:«بأن النبي ﷺ طاف من وراء الحجر، وقد قال ﵇: «لِتَأخُذُوا عَنِّي مَنَاسِكَكُم»» (١)، وقال بمثل هذا الدليل في اشتراط الترتيب في الطواف (٢)، وعدم صحّة الطواف على الشاذروان (٣).
واستدلَّ ابن المنجى ﵀ على شرطية الموالاة في الطواف بـ «أنَّ النبي ﷺ والى بين طوافه، وقال: «خُذُوا عَنِّي مَنَاسِكَكُم»» (٤)، واستدلَّ بهذا المعنى أيضًا في أكثر من مسألة (٥).
وأشير هنا إلى أن قول الحنفيَّة:(إن ما لم يرد في القرآن أو السنة المتواترة أو الإجماع لا يكون فرضًا) له تأثير ظاهر على مسائل في كتاب الحج، ومن كبار المسائل في ذلك حكم السعي، فذهب الحنفيَّة إلى أنَّ السعي ليس بركن وإنما هو واجب يجبر إذا تركه بدم (٦)، وقال الجمهور: السعي ركن (٧). ودليل الحنفيَّة: أنَّ السعي لم يرد الأمر به من جهة قطعيَّة، فلم يأمر القرآن به صريحًا، ولم تأت بالأمر به سنة متواترة، ولم ينعقد إجماع في ذلك (٨)، وعليه: فالسعي واجب وليس بركن.
(١) المغني (٣/ ٣٤٧). (٢) انظر: الكافي في فقه الإمام أحمد (١/ ٥١٣). (٣) انظر: المغني (٣/ ٣٤٧). (٤) الممتع في شرح المقنع لابن المنجى (٢/ ١٧٧). (٥) انظر: الممتع في شرح المقنع لابن المنجى (٢/ ١٧٦). (٦) انظر: المبسوط للسرخسي (٤/ ٥٠)، البناية شرح الهداية (٤/ ٢٠٧). (٧) انظر: شرح الرسالة (٢/ ١٣٢)، بلغة السالك لأقرب المسالك مع حاشية الصاوي (٢/ ٣٩)، الحاوي الكبير (٤/ ١٥٥)، نهاية المحتاج إلى شرح المنهاج (٣/ ٣٢١)، الكافي في فقه الإمام أحمد (١/ ٥١٧)، كشَّاف القناع (٢/ ٥٢١). وأنبه هنا إلى أن الموفق ابن قدامة ﵀ قال بوجوب السعي لا ركنيته. وهذا مثال آخر لما تقدم من بيان سعة مذهبه، وقال عن دليل من قال بالوجوب لا بالركنية: هذا «أولى؛ لأنَّ دليل من أوجبه دل على مطلق الوجوب، لا على كونه لا يتم الحج إلا به». انظر: المغني (٣/ ٣٥٢). (٨) كما هو الحال في الوقوف بعرفة فإنَّه قد انعقد الإجماع على أنَّه فرض. انظر: الإجماع لابن المنذر (ص: ٥٧)، بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع (٢/ ١٢٥).