توضأ ثم طاف. وفِعْلُه في الحج بيانٌ تؤخذ منه المناسك والأركان؛ لقوله ﷺ:«خُذُوا عَنِّي مَنَاسِكَكُم»»، ثم قال مجيبًا عن استدلال الحنفيَّة بالإطلاق في الآية بـ «أنَّها مجملة أُخِذَ بيانها من فعله ﷺ وهو لم يطف إلا بطهارة»(١)، واستدل على شرطية جعل البيت عن يسار الطائف بأن «النبي ﷺ حين طاف جعل الحجر على يساره وكان ذلك بيانًا لقوله تعالى: ﴿وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ﴾ [الحج: ٢٩] مع قوله ﷺ: «خُذُوا عَنِّي مَنَاسِكَكُم»» (٢). واستدل على شرطية الطواف بالبيت سبعًا بأن «النبي ﷺ رمل ثلاثًا ومشى أربعًا، وهذا الفعل منه إما أن يكون بيانًا لقوله تعالى: ﴿وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ﴾ أو استئناف نسك يؤخذ من فعله، وأيهما كان فهو واجب»(٣).
ونحو هذا ذكر العمراني ﵀ في مسألة الطهارة في الطواف (٤).
ونصَّ النووي ﵀ على هذا المعنى في مسألة الطهارة في الطواف (٥) وابن الرفعة في عدم صحة التنكيس فيه (٦).
ومن الحنابلة: يقول ابن قدامة ﵀ في مسألة النقص من الأشواط في الطواف: «إن ترك منها شيئًا وإن قل؛ لم يجزئه؛ لأن النبي ﷺ طاف سبعًا، فيكون تفسيرًا لمجمل قَوْله تَعَالَى: ﴿وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ﴾ فيكون ذلك هو الطواف المأمور به، وقد قال ﵇: «خُذُوا عَنِّي مَنَاسِكَكُم»» (٧)، واستدلَّ على شرطية الطواف
(١) الحاوي الكبير (٤/ ١٤٥). (٢) الحاوي الكبير (٤/ ١٥٠). (٣) الحاوي الكبير (٤/ ١٥١). (٤) انظر: البيان في مذهب الإمام الشافعي (٤/ ٢٨٨). (٥) انظر: المجموع شرح المهذب (٨/ ١٧). (٦) كفاية النبيه في شرح التنبيه (٧/ ٣٧١). يقول ابن الرفعة ﵀: جعل النبي ﷺ «البيت على يساره حين طاف، ومشى على يمينه فحمل ما أجمله الله تعالى بقوله: ﴿وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ﴾ [الحج: ٢٩] على بيانه ﷺ؛ عملًا بقوله تعالى: ﴿لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ﴾ [النحل: ٤٤]. (٧) الكافي في فقه الإمام أحمد (١/ ٥١٣).