على الكفارات (١)، وبهذا تحصل المغايرة بينها وبين زكاة الأموال، وعلى نحو هذا -مِنْ قياس زكاة الفطر على الكفارة ومغايرتها لزكاة المال- نصَّ الجويني ﵀(٢).
ومن الحنابلة: نصَّ الزركشي ﵀ على المغايرة بين الزكاتين فقال: «زكاة الفطر آكد وجوبًا من زكاة المال»(٣)، ونحو ذلك قال ابن أبي عمر (٤)، وابن المنجَّى (٥) -رحمهما الله-، وغيرهما (٦).
والسبب الثاني: أنَّ زكاةَ الفطر مرتبطةٌ بالنفقة عند الجمهور، فكلُّ من يجب عليه نفقته فواجب عليه فطرته، وخالف في هذا الحنفيَّة، فذهبوا إلى أنَّ أصل وجوب زكاة الفطر تمام الولاية مع وجوب النفقة، ويتضح السبب بالقول: إنَّ الحنفيَّة زادوا في وجوب زكاة الفطر شرط تمام الولاية عن الجمهور، فلو لزمت النفقة من غير تمام الولاية فإن زكاة الفطر لا تجب عندهم.
وقد تخرَّج عن هذا السببِ مسائلُ، منها: زكاة الفطر على الأب في ولده الكبير الفقير، وزكاة الفطر على الابن في والده، وزكاة السيد في العبيد المشتركة، والعبد المبعَّض، والعبد الآبق، والمكاتب، فكل ما سبق لا زكاة فيه عند الحنفيَّة؛ لعدم تمام الولاية، على حين نظر الجمهور إلى وجوب النفقة فحسب؛ فأوجبوا تبعًا لها زكاة الفطر (٧).
(١) المصدر السابق. (٢) انظر: نهاية المطلب في دراية المذهب (٣/ ٤٠٠). (٣) شرح الزركشي على مختصر الخرقي (٢/ ٥٤٨). (٤) انظر: الشرح الكبير على المقنع (٧/ ١١١). (٥) انظر: الممتع في شرح المقنع (١/ ٧٥٥). (٦) انظر: المبدع في شرح المقنع (٢/ ٣٨٢)، شرح منتهى الإرادات (١/ ٤٣٨)، كشَّاف القناع (٢/ ٢٥١). (٧) وقد تقدم توثيق هذه المسائل في المطلب الثاني من هذا المبحث. وتتميمًا لهذا السبب: أشير إلى أن الجمهور قد اختلفوا في بعض مسائل النفقات؛ فاختلفوا تبعًا لهذا في وجوب زكاة الفطر، من ذلك: وجوب النفقة على الأجداد والأحفاد فلم يوجبها المالكيَّة وأوجبها الشافعيَّة والحنابلة، وبناء على هذا الخلاف قال المالكيَّة بعدم وجوب زكاة الفطر على الأحفاد والأجداد، وخالفهم الشافعيَّة والحنابلة. انظر المسألة في كتاب نفقة الأقارب: الكافي في فقه أهل المدينة (٢/ ٦٢٩)، شرح الزرقاني على مختصر خليل وحاشية البناني (٤/ ٤٦٤)، الفواكه الدواني على رسالة ابن أبي زيد القيرواني (١/ ٣٤٩)، حاشية الصاوي على الشرح الصغير (١/ ٥٢٦)، الحاوي الكبير (١١/ ٤٧٩)، البيان في مذهب الإمام الشافعي (١١/ ٢٤٥)، نهاية المحتاج إلى شرح المنهاج (٧/ ٢٢٤)، تحفة المحتاج في شرح المنهاج وحواشي الشرواني والعبادي (٨/ ٣٥٢)، الشرح الكبير على المقنع (٢٤/ ٣٩٣)، الفروع وتصحيح الفروع (٩/ ٣١٢)، شرح منتهى الإرادات (٣/ ٢٣٨).