والمتقرر أيضًا في هذه المسألة أنَّ أوسع المذاهب هو مذهب الحنفيَّة؛ لقولهم بعدم الوجوب، وأمَّا الجمهور فأوجبوا زكاة الفطر في عبيد التجارة؛ فكان مذهبهم أضيق، واستدل الحنفيَّة على عدم الوجوب بأدلة، منها:
الدليل الأول: عن فاطمة بنت الحسين -رحمها الله- قالت: قال رسول الله ﷺ: «لا ثِنَى فِي الصَّدَقَةِ» أخرجه ابن أبي شيبة، وابن زنجويه في الأموال (٣).
(١) انظر: شرح مختصر الطحاوي للجصاص (٢/ ٣٥٢)، بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع (٢/ ٧١)، العناية شرح الهداية (٢/ ٢٨٦)، الدر المختار وحاشية ابن عابدين (٢/ ٣٦٢). (٢) انظر: بداية المجتهد ونهاية المقتصد (٢/ ٤٢)، الذخيرة للقرافي (٣/ ١٦١)، شرح الخرشي على مختصر خليل (٢/ ٢٣٠)، الوسيط في المذهب (٢/ ٤٨٧)، بداية المحتاج في شرح المنهاج (١/ ٥٢٠)، تحفة المحتاج في شرح المنهاج وحواشي الشرواني والعبادي (٣/ ٣٠٢)، نهاية المحتاج إلى شرح المنهاج (٣/ ١٠٧)، المغني لابن قدامة (٣/ ٩٢)، الفروع وتصحيح الفروع (٤/ ٢١٦)، المبدع في شرح المقنع (٢/ ٣٧٧)، كشَّاف القناع (٢/ ٢٤٧)، مطالب أولي النهى في شرح غاية المنتهى (٢/ ١٠٦). (٣) أخرجه ابن أبي شيبة في (كتاب الزكاة، من قال لا تؤخذ في السنة إلا مرة) (٧/ ٦١) رقم (١٠٨٣٧)، وابن زنجويه في الأموال (كتاب الصدقة وأحكامها وسننها، باب) (٢/ ٨٣٠) رقم (١٤٣٧). والحديث ضعيف، قال البيهقي في الخلافيات (٤/ ٣٨٨): «هذا مرسل»، ووجه ذلك أنَّ فاطمة بنت الحسين لم تدرك رسول الله ﷺ، والحسين أبوها من صغار الصحابة إذ كان عمره يوم وفاة النبي ﷺ قرابة سبع سنين؛ وذلك أنَّ مولده في شعبان عام أربعة من هجرة المصطفى ﷺ. قال الترمذي في جامعه (١/ ٣٤٨): فاطمة بنت الحسين لم تدرك فاطمة الكبرى [يعني بنت النبي ﷺ، إنما عاشت فاطمة بعد النبي ﷺ أشهرًا»، وإذا لم تدرك فاطمة الكبرى فإنها لم تدرك النبي ﷺ من باب أولى. وبالجملة ففاطمة بنت الحسين معدودة في التابعيات، وجعلها ابن حجر في تقريب التهذيب من الطبقة الرابعة، ومراده كما بين ذلك في مقدمته: أنها من وسطى التابعين، لكن جل روايتها عن كبار التابعين. انظر: تهذيب الكمال في أسماء الرجال (٣٥/ ٢٥٤)، سير أعلام النبلاء (٣/ ٢٨٠)، تحفة التحصيل في المراسيل (١/ ٦٣٥)، تقريب التهذيب (١/ ١٣٦٧). وأصل الثنى في كلام العرب «ترديد الشيء وتكريره» ومن معاني الحديث: «ألا تؤخذ الصدقة من عام مرتين» قاله أبو عبيد في الأموال (ص: ٤٦٥)، وفي غريب الحديث (١/ ٩٨). وانظر: مقاييس اللغة (١/ ٣٩١)، طلبة الطلبة في الاصطلاحات الفقهية (ص: ١٦)، النهاية في غريب الحديث والأثر (١/ ٢٢٤).