ويقول ابن بزيزة ﵀:«أهل العراق أجازوا إخراج القيمة، بناء على أنَّ المقصود الإرفاق وهذا داخل بالعين والقيمة»(١).
ومن الشافعيَّة: يقول الغزالي ﵀ مجيبًا عن استدلال الحنفيَّة بأنَّ القصد في الزكاة سد خلة المساكين: «نسلم أنَّ سد الخلة مقصود، ولكن لا نسلم أنه كل المقصود، بل ينضم إليه معنى العبادة، والحكم بالتعبد من جهة الشرع وهذا موقع الزلل، فإن الخصم [يعني الحنفيَّة] ظنَّ لظهور معنى سد الخلة أنه كل المقصود»(٢)، وقال أيضًا:«للشرع تعبُّدات في الزكاة مترادفة، يعرِّفُنا بها أنَّ معنى سد الخلة لم يتمحَّض، فوجب الوقوف على معنى المنصوص؛ وفاء بالمعنى والتعبد جميعًا»(٣).
وقال ابن الدهان ﵀: إن دافع القيمة «لم يؤدِّ الواجب فلم يخرج عن عهدته؛ لأنَّ الواجب شاة في خمس من الإبل، والتعبد بما ورد به الشرع لا يقوم غيره مقامه كالسجود والركوع»(٤).
ونقل النووي عن الجويني -رحمهما الله- قوله:«الدليل لأصحابنا: أنَّ الزكاة قربة لله تعالى وكل ما كان كذلك فسبيله أن يتبع فيه أمر الله تعالى، ولو قال إنسان لوكيله: اشتر ثوبا. وعلم الوكيل أنَّ غرضه التجارة ولو وجد سلعة هي أنفع لموكله لم يكن له مخالفته، وإن رآه أنفع؛ فما يجب لله تعالى بأمره أولى بالاتباع»(٥).
(١) روضة المستبين في شرح كتاب التلقين (١/ ٤٧٥). (٢) تحصين المآخذ (١/ ٥٩٦). (٣) تحصين المآخذ (١/ ٥٩٧). (٤) تقويم النظر في مسائل خلافية ذائعة (٢/ ٤٥). (٥) المجموع شرح المهذب (٥/ ٤٣٠). وسمى النووي الكتاب الذي نقل كلام الجويني منه، وهو كتاب الأساليب. وهذا الكتاب في عداد الكتب المفقودة في زماننا اليوم. قال المحقق في كلامه على بعض كتب إمام الحرمين منها الأساليب: «وهذه لم نعثر على أثر لها في المكتبات للآن»، وقال في موضع آخر: «ولم نصل إلى خبر عنه للآن». انظر: نهاية المطلب في دراية المذهب (٥/ ٦٥)، (٧/ ٤٣٨).