من الصور. والمالكيَّة يقاربون الحنابلة في طردهم لمعنى المشقة في غير المنصوص عليها من الأحوال، إلا أنهم لم يتوسعوا في معنى المشقة كتوسع الحنابلة.
وأمَّا الشافعيَّة فإنهم قصروا الجمع على محلِّ النص، ولم يوسعوا دائرة الجمع لأجل المشقة كما هو مذهب الحنابلة.
وأمَّا الحنفيَّة فسبب الضيق في الباب تمسُّكهم بالأصل، وهو: أنَّ الصَّلاة لا يجوز تأخيرها أخذًا بأدلة مواقيت للصلاة، وأدلة الجمع لا تنهض لمعارضة هذا الأصل إلا الجمع في عرفة ومزدلفة فإن دليله الإجماع فقوي على التخصيص؛ ولذا فما ورد من أدلة في الجمع بين الصلاتين فإنه محمول عند الحنفيَّة على الجمع الصوري.
وقد نصَّ على هذه المعاني جملة من علماء المذاهب:
فمن الحنفيَّة يقول السرخسي ﵀ مستدلًا على عدم جواز الجمع:«لنا: قوله تعالى: ﴿حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلَاةِ الْوُسْطَى﴾ [البقرة: ٢٣٨] أي: في مواقيتها وقال تعالى: ﴿إِنَّ الصَّلَاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَوْقُوتًا﴾ [النساء: ١٠٣] أي فرضًا مؤقتًا … »(١)، ثم قال:«فكما لا يجمع بين العشاء والفجر ولا بين الفجر والظهر لاختصاص كل واحد منهما بوقت منصوص عليه شرعا، فكذلك الظهر مع العصر، والمغرب مع العشاء، وتأويل الأخبار أنَّ الجمع بينهما كان فعلًا لا وقتًا، وبه نقول»(٢).
وقال الكاساني ﵀: «تأخير الصلاة عن وقتها من الكبائر، فلا يباح بعذر السفر والمطر كسائر الكبائر … ، وهذه الصلوات عرفت مؤقتة بأوقاتها بالدلائل المقطوع بها من الكتاب والسنة المتواترة والإجماع، فلا يجوز تغييرها عن أوقاتها بضرب