في (الانتصار)، وذلك أنَّه حكى الخلاف في حكم صلاة المأموم خلف المحدث، وذكر قول الشافعي بالصحة، ثم قال:«فالكلام معه مبني على أصل، وهو: أن صلاة المأموم كالمندرجة في ضمن صلاة الإمام بطريق التبعية صحةً وفسادًا، وعند الشافعي بخلاف ذلك؛ فإن كل مصل يصلي لنفسه، ولا تتعلق لصلاته بصلاة غيره»(١)، ثم قال في المسألة التي تليها:«وعلى هذا الأصل: اختلاف نية الإمام والمأموم يمنع القدوة»(٢)، ثم قال أيضًا في المسألة الثالثة:«وعلى هذا الأصل: لا يصح أن يؤم الصبي في الفرض»(٣)، ثم قال في المسألة الرابعة:«وعلى هذا الأصل: إذا تعمد الإمام الحدث في الصلاة فسدت صلاته وصلاة المأمومين»(٤)، فجعل أبو الخطاب الخلاف كله راجعًا إلى هذه القضية.
وبنحو هذا ذكر أبو زيد الدبوسي ﵀ في كتابه: تأسيس النظر (٥).
ومعرفة هذا الأصل يسهِّل فهم أساس الخلاف بين الشافعيَّة والجمهور، ومن جهة أخرى يوضح مدى الاطِّراد الفقهي سواء كان في المذهب الشافعي أو في غيره، وهذا الأمر -وهو الاطراد الفقهي- أمر عظيم يحتاج إليه الفقيه؛ ولذا من لا يستصحب هذا المعنى في اختياراته الفقهية يصير أمره إلى اضطراب كبير، وغلط ظاهر.
وفي ختام المبحث أنبه إلى أمر مهم، وهو أن الشافعيَّة لما أخذوا بهذا الأصل -وهو انفكاك صلاة المأموم عن صلاة الإمام- أثَّر عليهم في مسائل أخر من كبار مسائل الخلاف، فمثلًا: