على وجوب استيعاب الرأس بأنَّ النبي ﷺ«لما توضأ مسح رأسه كله، وهذا يصلح أن يكون مبيِّنا للمسح المأمور به»(١)، ويقول مستدلًا على وجوب الترتيب:«كلُّ من حكى وضوء رسول الله ﷺ حكاه مرتبًا، وهو مفسِّر لما في كتاب الله تعالى»(٢)، ويستدلُّ أيضًا على وجوب الموالاة بقوله:«الآية دلت على وجوب الغسل، والنبي ﷺ بيَّن كيفيته، وفسَّر مجمله بفعله وأمره، فإنه لم يتوضأ إلا متواليًا»(٣).
وينصُّ ابن تيمية ﵀ على هذا المعنى ويقول:«فعله ﷺ خرج امتثالًا للأمر، ولم يتوضأ قطُّ إلا مرتبًا فيكون تفسيرًا للآية، لا سيما ولو كان التنكيس جائزًا لفعله ولو مرَّة ليبين الجواز»، ونحوًا من ذلك قال البهوتي ﵀(٤).
وكذلك قال الحنابلة بوجوب التَّسمِية في الوضوء ووجوب غسل الكفين للقائم من نوم الليل؛ لورود السنة القولية بذلك (٥)، يقول ابن الزاغواني ﵀ مجيبًا عن استدلال الجمهور -في مسألة التَّسمِية في الوضوء-: «أما الآية: فنحن قائلون بموجبها؛ لأنَّ فيها إيجاب غسل الأعضاء وقد أوجبناه، وليس فيها تعرُّض للتسمية بنفي ولا بإيجاب، وقد تضمَّنت السنة إيجابها، فلا بدَّ من القول بالوجوب، كسائر ما لم يذكر في الكتاب وشرع بالسنة»(٦).
(١) المغني (١/ ٩٣). (٢) المغني (١/ ١٠١). (٣) المغني (١/ ١٠٢). (٤) انظر: كشَّاف القناع (١/ ٨٣). (٥) انظر: مسائل الإمام أحمد رواية أبي داود السجستاني (ص: ٩)، الانتصار في المسائل الكبار (١/ ٢٥٠)، شرح الزركشي على مختصر الخرقي (١/ ١٦٨، ١٧٠)، المبدع في شرح المقنع (١/ ٨٦)، المنح الشافيات بشرح مفردات الإمام أحمد (١/ ١٥٥). (٦) المفردات (ص: ٩٣).