للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ووجه الدلالة من الحديث على الوجوب ظاهر؛ وذلك أن النبي جعل المضمضة والاستنشاق أصلًا في الوضوء لا تسقط بحال.

الدليل الثاني: أنَّ كلَّ من وصف وضوء رسول الله من الصحابة ذكر فيه المضمضة والاستنشاق (١)، و «مداومته عليهما تدل على وجوبهما» (٢)، فلو كان مستحبًّا لتركها النبي ولو مرة واحدة كتركه للغسلة الثانية والثالثة (٣)، وعلى ذلك يكون فعل النبي مفسرًا لمطلق القرآن، وذاك أنَّ «فعله إذا خرج بيانًا كان حكمه حكم ذلك المبين» (٤).

الدليل الثالث: أنَّ الفم والأنف في حكم الظاهر، وما كان في الظاهر وجب غسله مع الوجه، ويدلُّ على كونها من أحكام الظاهر: أنَّ الصائم يُفْطِر «بوصول القيء إليهما إذا استدعاه، ولا يفطر بوضع الطعام فيهما، ولا يُحَدُّ بوضع الخمر فيهما، ولا تنشر حرمة الرضاع بوصول اللبن إليهما، ويجب غسلهما من النجاسة،


(١) انظر: المغني لابن قدامة (١/ ٨٨)، الشرح الكبير على المقنع (١/ ٣٢٨). وقال الكمال ابن الهمام في فتح القدير (١/ ٢٥): «جميع من حكى وضوءه فعلًا وقولًا اثنان وعشرون نفرًا … » ثم عدَّهم بتمامهم، وقال: «وكُلها نصَّ على المضمضة والاستنشاق، فلا شك في ثبوت المواظبة عليهما». وقال ابن عبد البر في الاستذكار (١/ ١٢٤): «لم يحفظ أحد عن النبي أنه ترك المضمضة والاستنشاق في وضوئه، ولا غسله للجنابة».
(٢) كشَّاف القناع (١/ ٩٦).
(٣) انظر: شرح العمدة لابن تيمية - كتاب الطهارة (ص: ١٧٨).
(٤) المبدع في شرح المقنع (١/ ١٠٠).

<<  <   >  >>