ويقول الموفق ابن قدامة ﵀:«ما حرم استعماله حرم اتخاذه على هيئة الاستعمال؛ لأنَّ المعنى المقتضي للتحريم يعمها، وهو الإفضاء إلى السرف والخيلاء، وكسر قلوب الفقراء»(١).
وأشار البرهان ابن مفلح ﵀ إلى وجود هذه العلة في مسألة المضبَّب (٢)، وأبيح عند الحنابلة اليسير من ضبة الفضَّة؛ «لأنَّ الخيلاء وكسر قلوب الفقراء مفقود في ذلك»(٣)، وهذا ظاهر في أنَّ العلة هي وجود السرف والخيلاء، فمتى ما وجدت قيل بالتحريم.
والخلاصة:
• أنَّ الحنفيَّة هم أوسع المذاهب في باب الآنية، وسبب ذلك يعود إلى أمرين: الأول: أنهم توسَّعوا في مسائل الانتفاع بأجزاء الميتات؛ لأن نجاستها عندهم معقولة المعنى، ويمكن زوالها، وهي: ما اتصل بها من رطوبة نجسة، فإذا أمكن زوال العلَّة أو منعها طهُرت بذلك. والثاني: أنَّهم توسعوا في المسائل المتعلقة بالذَّهب والفضَّة؛ لأنهم نظروا إلى أصل إباحة الآنية، وجعلوا الذَّهب والفضَّة تابعًا لا حكم له.
• وأما الجمهور فرأوا أن علة التحريم في أجزاء الميتات هو الموت بذاته، وذهبوا إلى أنَّ علة التحريم في المسائل المتعلقة بالذهب والفضة هي وجود السرف والخيلاء، وهذا موجود في التابع أيضًا.
(١) المغني (٣/ ٤٧) بتصرف يسير. (٢) المبدع في شرح المقنع (١/ ٤٦). (٣) الممتع في شرح المقنع (١/ ١١٤).