للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

القول الثالث: فيه الحد وهو الرجم بكل حال، وهو مذهب المالكيَّة (١).

وعليه فأوسع المذاهب في هذه المسألة من قال بأنَّ اللوطي لا يحدُّ، وهم الحنفيَّة، وقد استدلُّوا على هذه المسألة بأدلة، منها:

الدليل الأول: قول الله تعالى: ﴿وَاللَّذَانِ يَأْتِيَانِهَا مِنْكُمْ فَآذُوهُمَا﴾ [النساء: ١٦].

ووجه الدلالة في الآية: أنَّ الله أوجب على الرجلين الفاعلين الفاحشة الأذى، وهذا دليل على نفي وجوب الحد (٢).

الدليل الثاني: أن الصَّحابة اختلفوا في عقوبة اللُّوطي، ولو كان حدًّا مأثورًا عن النبي لما اختلفوا في ذلك (٣).

الدليل الثالث: أنَّ اللِّواط ليس بزنى؛ لأن الزنى اسم للوطء في قبل المرأة، ولذا يفرّق بينهما بالقول: (لاطَ وما زنى) (٤)، وكذلك فرَّق بينهما أهل اللغة؛ ولذا يقول الشاعر:

مِن كَفِّ ذاتِ حِرٍ في زِيِّ ذِي ذَكَرٍ … لها مُحِبَّانِ لُوطِيٌّ وزَنَّاءُ (٥)


(١) انظر: التفريع في فقه الإمام مالك بن أنس (٢/ ٢١٦)، القوانين الفقهية (ص: ٢٣٣)، مواهب الجليل في شرح مختصر خليل (٦/ ٢٩٦).
(٢) انظر: التجريد للقدوري (١١/ ٥٩١٠).
(٣) انظر: البناية شرح الهداية (٦/ ٣١٠).
(٤) انظر: المبسوط للسرخسي (٩/ ٧٨)، بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع (٧/ ٣٤).
(٥) البيت لأبي نواس في قصيدة من (الخمريَّات) مطلعها:
دع عنك لومي فإنَّ اللومَ إغراءُ
وداوني بالتي كانتْ هي الدَّاءُ
انظر: الرسائل للجاحظ (٢/ ١٠٨)، خزانة الأدب وغاية الأرب لابن حجة الحموي (١/ ٤٥٥)، ديوان أبي نواس (ص: ٦). تنبيه: تعقَّب ابن الهمام الحنفي الاستدلال ببيت أبي نواس بقوله: «هو مولَّد لا تثبت اللغة بكلامه، مع أنَّه ينبغي تطهير كتب الشريعة عن أمثاله». فتح القدير (٥/ ٢٦٤).

<<  <   >  >>