للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ويظهر في هذا الفرع أيضًا أن أوسع المذاهب إمضاءً لحكم القصاص هم المالكيَّة؛ لقولهم بالقصاص على الممسك دون غيرهم من المذاهب، واستدلوا على هذه المسألة بأدلة، منها:

الدليل الأول: قول الله تعالى: ﴿وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ يَاأُولِي الْأَلْبَابِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ﴾ [البقرة: ١٧٩]، وقوله: ﴿وَكَتَبْنَا عَلَيْهِمْ فِيهَا أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ﴾ [المائدة: ٤٥]، وقوله تعالى: ﴿وَمَنْ قُتِلَ مَظْلُومًا فَقَدْ جَعَلْنَا لِوَلِيِّهِ سُلْطَانًا فَلَا يُسْرِفْ فِي الْقَتْلِ إِنَّهُ كَانَ مَنْصُورًا﴾ [الإسراء: ٣٣].

ووجه الدلالة من الآيات: العموم فيها (١).

الدليل الثاني: عن ابن عمر «أن غلامًا قتل غيلة، فقال عمر: لو اشترك فيها أهل صنعاء لقتلتهم» أخرجه البخاري (٢).

ووجه الدلالة من الأثر: أنّ الممسك مشترك في القتل، وقال عمر : (لو اشترك فيها أهل صنعاء لقتلتهم) فدل ذلك على أنه يقتص منه (٣).

الدليل الثالث: أنَّ القاتل إنما توصل إلى القتل بإمساك الماسك، ولولاه لنجا بنفسه وتخلص من ظلم الظالم، فصار القاتل كأنه آلة لهذا الماسك، فوجب أن يقتلا جميعًا (٤).

الدليل الرابع: قياس الممسك في القتل على ممسك الصيد ليقتله المحرم، فإن الجزاء عليهما جميعًا (٥).


(١) انظر: الذخيرة للقرافي (١٢/ ٣٢١)، الفروق للقرافي (٤/ ١٩٠).
(٢) أخرجه البخاري في (كتاب الديات، باب إذا أصاب قوم من رجل هل يعاقب أو يقتص منهم كلهم) (٩/ ٨) رقم (٦٨٩٦).
(٣) انظر: الذخيرة للقرافي (١٢/ ٣٢١).
(٤) انظر: تهذيب المسالك في نصرة مذهب مالك (٣/ ٤٤١).
(٥) انظر: الذخيرة للقرافي (١٢/ ٣٢١).

<<  <   >  >>